«الجزيرة» - ماجد البريكان:
تمتلك المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة سجلاً حافلاً من التطوير النوعي، في مواكبة حقيقية لمستجدات العصر، وتحقيق متطلبات رؤية 2030، التي شددت أكثر من مرة على أهمية تعزيز التقنيات الحديثة في الارتقاء بمؤسسات الدولة، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن.
ولا تدخر «التحلية» جهداً في تمكين التقنيات الحديثة في عملياتها كافة، ومن هنا، أقدمت على تدشين معهد أبحاث وتقنيات التحلية الأول من نوعه في المنطقة في مجال الريادة البحثية والابتكارات النوعية. ولدى المعهد اليوم 11 براءة اختراع عالمية، ما يجعله ركيزة أساسية في التحول المعرفي لتوطين صناعة التحلية.
وتستثمر المؤسسة هذا المعهد في تطوير أبحاث علمية، من شأنها خفض التكلفة العامة على المستفيد النهائي (المواطن)، وتحقيق الوفورات التشغيلية، واعتماد أفضل التقنيات، وتتواكب هذه التطلعات مع أهداف رؤية 2030 .
رصيد معرفي
ويوماً بعد آخر، أصبحت إنجازات المعهد كبيرة ومشهوداً لها بالكفاءة النوعية، ومن هنا، بات المعهد ركيزة أساسية لصناعة التحلية، كما أنه أصبح يمتلك رصيداً معرفياً وخبرة تجاوز 35 عاماً في مجال التحلية، فضلاً عن كونه المتخصص الوحيد في المنطقة في هذا المسار، وأصبحت لبراءات الاختراع التي يملكها أثر اقتصادي كبير، لم يتحقق من فراغ، وإنما من برامج تطوير تقنيات عالية الكفاءة وصديقة للبيئة، إلى جانب ابتكار طرق مستدامة لإنتاج المياه، وخفض تكاليف التشغيل، وزيادة الإنتاج. ومن مستهدفات المركز، الاستثمار في صناعة التحلية، تعزيز جودة ووفرة المياه، وتوطين وتطوير التقنيات، إلى جانب إبرام اتفاقات عالمية ومحلية لاستثمار الابتكارات، وحماية البيئة، بتقليل استخدام المواد الكيماوية، وتوظيف النمو التكنولوجي والذكاء الصناعي.
إعادة الهيكلة
ولمن لا يعلم، تم افتتاح المعهد عام 1987 بمسمى «مركز الأبحاث والتطوير»، وفي الفترة من 2007 إلى 2015، تم اتخاذ سلسلة من القرارات المهمة تجاه المركز، تمثّلت في إعادة هيكلته وتغيير مسماه إلى «معهد الأبحاث وتقنيات التحلية»، ويعتبر المعهد هو الجهة البحثية الوحيدة في المنطقة المتخصص في أبحاث صناعة تحلية المياه المالحة، ويسعى إلى الوصول إلى الريادة عالمياً في مجال تقنيات المياه، وقيادة الابتكار في تقنيات التحلية؛ لإنتاج المياه بطرق مستدامة عالية الكفاءة، ومنخفضة التكاليف، ومستدامة للجميع في كل مكان، بحلول 2030 .
وللمعهد إستراتيجيات يتبعها، ويسير على نهجها، وانطلاقاً من أهداف المعهد المتمثلة في دعم مسيرة صناعة التحلية في المملكة وتحت مظلة المؤسسة العاملة لتحلية المياه، بنيت الخطط والإستراتيجيات للمعهد المتمحورة على الآتي:
المحطات القائمة: حظيت بالكثير من العمل من قبل المعهد وباحثيه وبالدعم من الإدارات الأخرى في المؤسسة، وقد تركزت توجهات مركز الأبحاث على، زيادة إنتاج المحطات، وخفض التكلفة عبر زيادة كفاءة المحطات، والاستفادة القصوى من الطاقة، وتقليل استخدام المواد الكيميائية الذي يهدف أيضاً إلى حماية البيئة.
- تطوير واستحداث تقنيات التحلية: وارتكز العمل هنا على الإبداع والابتكار، والنمو المستمر، حيث دأب المعهد بجهد ذاتي أو من خلال الشراكات مع جهات خارجية على العمل لتطوير التقنيات الحالية أو ابتكار تقنيات جديدة، أو العمل على دمج التقنيات لزيادة الكفاءة وتقليل التكلفة.
التوطين والاستثمار في صناعة التحلية: سعى المعهد جاهداً إلى توطين صناعة التحلية من خلال تطوير التقنيات، والسعي لتوطينها وتصنيعها محلياً، ومن أهم التوجهات بالمعهد هو تحويل محطات التناضح العكسي من الأغشية المجوفة المحتكرة من شركة يابانية للأغشية المسطحة السهل تصنيعها وتطويرها محلياً. كما اتجه المعهد للاستثمار في الشركات عن طريق الاستحواذ على نسب من الشركة التي تم تطوير التقنية معها، أو عن طريق أخذ نسب ثابتة من أي مشروع تقوم به الشركة في التقنية المطورة مستقبلاً.
دور ريادي
ويقوم المعهد بدوره الريادي في مجال أبحاث تحلية مياه البحر، وركز أنشطته البحثية في الأبحاث التطبيقية؛ إيماناً منه بأهميتها في تطوير صناعة التحلية بالمملكة، ورفع كفاءتها، وفي أبحاث حل المشاكل التي تواجه محطات التحلية، بالإضافة لأبحاث اختبار وفحص المواد والمعدات.
يمتلك معهد الأبحاث بنية تحتية، لأغراض الأبحاث والاختبار والتطوير، تتمثل في 3 مختبرات كبيرة مجهزة بأحدث تقنيات التحليل والاختبار وهي: مختبرات قسم الكيمياء، ومختبرات قسم التآكل، ومختبرات قسم البيئة والأحياء البحرية. كما يمتلك المعهد ثماني محطات تجريبية، تغطي تقنيات التحلية الرئيسية؛ لاستخدامها في مختلف الأغراض البحثية، والتقييمية للمواد الصناعية المختلفة.
ويقدم المعهد مجموعة من الخدمات التي تشتمل على: الخدمات التحليلية التي تضمن سلامة المياه المنتجة من النواحي الكيميائية والميكروبية والفيزيائية، لجميع المحطات بالمؤسسة، للتأكد من مطابقتها لمواصفات مياه الشرب القياسية، كما يقدم هذه الخدمة والخدمات الاستشارية وخدمات تقييم المواد لمحطات التحلية العاملة، ولجميع الجهات ذات العلاقة بتحلية ومعالجة المياه، بمقابل مادي بموجب اتفاقات مع طالبي الخدمة، ملتزماً بقيم التميز، والابتكار، والشفافية، والخدمة، والتعاون، والنزاهة.
جائزتان للمعهد
وعلى ضوء ما سبق، استقبلت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة أخيراً رئيس @exproksa المهندس عبدالرزاق العوجان، واستعرض الجانبان تجربة «التحلية» في خفض التكلفة وتحقيق الوفورات التشغيلية، وفي اللقاء ذاته، تم تسليم معالي محافظ التحلية المهندس عبدالله العبد الكريم جائزتي «التميز العلمي بخلق الفرص الإبداعية»، و»التميز المؤسسي»، وتندرج تحت الأولى مبادرة خفض تكلفة المتر المكعب للمياه، وتحقيق وفرات تجاوزت 920 مليون ريال، وجاءت الجائز الثانية بعد تحقيق «التحلية» المركز الأول بين كافة الجهات الحكومية، والمركز الأول في فئة الهيئات والمؤسسات والمراكز. ولم يختتم اللقاء إلا بعد الاتفاق بين الطرفين على نقل تجربة «التحلية» إلى سائر الجهات الحكومية الأخرى، من خلال ورش عمل مشتركة وممنهجة.