«الجزيرة» - رسيل عبدالله المقحم:
قد تجتمع الصفة والفعل في حيوانٍ واحد على حدٍ سواء؛ كالجمال والقوة في الخيل.. إن الله تعالى كرَّم الخيل عن سائر الحيوانات. إذ عقد على نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وجعلها كنزاً من كنوز العرب توارثهُ جيل بعد جيل حتى يومنا هذا.
عبد الله المحمود مالك ومربٍّ وفارس للخيل العربية الأصيلة، وهو هنا يصور لنا من خلال سيرة حياته أن الخيل ليس مجرد حيوانٍ عادي، ويمثّل لنا في الوقت ذاته أن الفروسية ليست مجرد هواية.
* بداية حدثني عن بداياتك وكيف اخترت هذا المجال؟
الحقيقة أنني لم أختر هذا المجال بنفسي أبدًا، إنما نشأت منذ طفولتي وأنا أشعر أن الخيل تتلبسني وأتلبسها. وأعتقد أن عائلتي هي المؤثر الأكبر والعامل الأهم، فدعم والدي لي بدأ منذ الطفولة إذ كان يصطحبني معه دائمًا ويشاركني هذا الشغف حتى أسر قلبي. وكان للقرآن الكريم والسنة النبوية وقصص الصحابة مع الخيل أثرٌ آخر ربطني رابطة وثيقة بالخيل.
* الإنجازات التي حققتها والتي تطمح لتحقيقها؟
كنت أطمح دائمًا لتأسيس مركز فروسي يخدم عشاق الفروسية - ولله الحمد - أسست مركز الراجحية. وهو مركز فروسي للشباب، وأيضاً للشابات قسمٌ مستقل يقوم عليه طاقم وإدارة نسائية بالكامل. كما حققت طموحًا عاليًا في تأسيس مربط الراجحية الذي واصل وساهم في مشاركات بطولات الجمال محلية ودولية وعالمية. اليوم مركز الراجحية يقف على أقدامه؛ ويقدم خدمات في إيواء وتدريب والعناية الكاملة بالخيل العربية الأصيلة، كما أن مركز الراجحية أول مركز فروسي في العالم يدرب الناس أسياسيات ركوب الخيل، على خيل عربية أصيلة مسجلة ومميزة تشارك حاليًا في بطولات الخيل للجمال. بمعنى أن الفارس اليوم يتدرب على فرس ما ثم هذا الفرس بعد شهر أو شهرين سيكون لديه برنامج تدريب لمسابقات الجمال، والمتعارف عليه أن هذه الخيل من النادر امتطاؤها أو عسفها ولكن هذا التميز الذي نبحث عنه والذي نرى أن الفرسان يستحقونه.
* كيف تم الحفاظ على سلالات الخيل العربية؟
كانت هناك وثائق موثقة، حيث يكتب في هذه الوثائق الأنساب وتحفظ عند العرب، أما اليوم فجاءت - ولله الحمد - جمعيات عملها الأساسي الحفاظ على هذه الأنساب، ونقلت هذا التوثيق من الورقي إلى إلكتروني، وتسمى جمعية الحصان العربي، ويرمز أو يختصر اسمها في منظمة الواهو.
* الغذاء والصحة؟
غذاء الخيل متنوع وكلما زاد التنوع فيه كلما أثر على صحتها وشكلها ولمعتها ولكن على رأس أطعمتها اليومية يأتي البرسيم والشعير والنخالة والذرة والرودس. بالإضافة إلى أن صحة الخيل وإصابتها مرتبطة ببعض المواسم فالإصابات البدنية مرتبطة بالمسابقات غالبًا، ويكون وقتها في الشتاء وفي الصيف يكون خطرًا على الباطنية.
* تدريب الخيل
يفترض أن نبدأ تدريب الخيل على الركوب في عمر ثلاث سنوات تقريبًا أو أكبر أو أصغر قليلًا من ذلك، ولكن بعد ثلاث سنوات يمكننا عسفها وترويضها وركوبها، وأعتقد أنها تكون في أفضل حالاتها للركوب في عمر خمس إلى عشر سنوات. أضف إلى أن لياقة الفارس تضفي عاملا مهما في جميع أجزاء جسم الخيل وتنسجم معه في الحركة، وهذا عامل قد يعطيها قوة واستمرارية دائمة.
* جذب فئات المجتمع للاهتمام بالخيل والفروسية
نحن ولله الحمد لا نفتقر لنوادي الفروسية خاصة في المنطقة الوسطى والشرقية والغربية، ولكن نفتقر إلى نوعية مميزة من النوادي والمراكز التي تتعدد في مجال الفروسية وأنواع الفروسية كثيرة منها، القفز، السرعة، الجمال، الدرساج وإلى آخره، كذلك هناك أنواع من الخيل التي تناسب الصغير والكبير والأنثى والذكر، فلابد من التنوع فيها.
* الأغلبية المنتشرة.. توجه الناس للاهتمام بالخيل كهواية أم تجارة؟ أعتقد أن هناك محاولات لجعلها تجارة، ولكنها قليلة وقد تكون محدودة ولا أعتقد أنها تصلح للتجارة إلا في نطاق ضيق جدًا ولأشخاص محدودين جدًا أيضاً، نظرا إلى أن مصادر التجارة فيها هي النوادي الفروسية والبطولات العالمية. قد يكون النوادي دخلها ثابت ومستمر ولكن البطولات متقطع ومتذبذبا جدًا فلا يمكن الاعتماد عليه. لكنها هواية وعشق وستستمر كذلك.
* الخيل وهوية العرب
منذ زمن كان الاهتمام بالخيل يعد هوية على أصالة العرب، ولا يزال هذا المعتقد موجودا ، لأننا نرى كيف الغرب لازالوا يقيمون احتفالات ومهرجانات تخص الخيل العربية ويستخدمون فيها الأزياء العربية والبروتوكولات العربية.
* صعوبات تربية الخيل
غلاء المعيشة والتغذية والحاجة إلى الماء. ندرة المدربين والمتخصصين أيضاً في هذا المجال ممن يحملون شهادة قوية، إضافة إلى قلة الأطباء البيطريين.
* من معاشرتك للخيل ما الذي يميزه عن باقي الحيوانات؟
يميز الخيل عن غيرها من المخلوقات الجميلة واللطيفة التي خلقها الله سبحانه وتعالى، هو الكبرياء والكرم والحساسية والوفاء والعزة والخيلاء والذكاء وسرعة التعلم والنفع المتعدد سواء كان في الإنتاج أو في الركوب وغيرها من المزايا التي خصّها الله سبحانه وتعالى للخيل عن غيرها من الحيوانات.
* علاقتك ومواقفك مع الخيل؟
حياتي كلها ظلت مبنية على الخيل، فالخيل صديقة مقربة لي، ولا أراها حيوانًا فقط، إنما هي إرث إسلامي كبير ومدرسة في علاج كل الأمور العاطفية والنفسية، وهي دائمًا من ترد الصوت، ولها آثار مادية ومحسوسة أيضاً أصبحت ظاهرة علي تماماً وكأنها مرسومة في تقاسيم وجهي. من هذا المنطلق ورّثت حب الخيل لأبنائي ، فابني عبد العزيز مساعد أول لي، واعتمد عليه دائمًا في الخيل وابنتي منيرة هي المسؤولة عن أوراق الخيل ومشاركاتها الداخلية الخارجية.