بداية قبل أن أخوض في مسألة «أن المسرح والمسرحيين ظلموا الإعلاميين المتخصصين في الكتابة عن المسرح»، رغم أن السائد والمتعارف عليه هجوماً ضارياً، أن الإعلام همّش المسرح والمسرحيين هذا ما نقرؤوه ونسمعه ونشاهده عبر القنوات الفضائية أو المواقع الاجتماعية من تويتر وفيسبوك وانستقرام ...
دعوني أيها المتابعون نسأل سؤالاً بديهياً ما هي العملية المتكاملة لإنجاح أي عرض مسرحي؟
حتماً الأغلبية سيقولون:
العرض المسرح يبدأ نجاحهُ مِنْ التالي:
- الكاتب الجيد
- الممثلون المبدعون
- مسؤول الإضاءة «السنوغرافيا»والذي يوظّف ما كتبه المؤلف وملاحظات ورؤى المخرج
- مسؤول الموسيقى «الصوت»
- مسؤول الديكور
- والمخرج
هؤلاء هم فرسان الرهان لنجاح أي عرض مسرحي
السؤال الآن هل نسينا أحدا؟ بالطبع نسينا من وجهة نظري هو: الإعلامي الصحافي المتخصص في الكتابة المسرحية هو أحد - إن لم يكن أهمهم- أدوات النجاح في المسرح وقد تسألوني كيف؟!
حسنا سأفصّل في الإجابة إن سمحتم لي:
الجمهور الذي سيحضر عرضاً مسرحياً حتماً ولا بد من أنه تأثّر بما شاهده والأكيد أن ابتسامة زرعت على محيّاه، وفعل دون أن يشعر ربما محرّكا أصابعه تصفيقاً واستحساناً بما سمعه وحرّك في نفسه الشعور بالرضا، وإن أتت جلسة نقدية بعد العرض تناقش كل أدوات العرض المسرحي بين الإيجاب وبعض الملاحظات إن وجدت، تنتهي علاقة الجمهور والذين هم الرقم الصعب في إنجاح أي فعالية ثقافية، أدبية، اجتماعية ...
مع خروجه من القاعة، أليس كذلك؟
الآن بقي دور الإعلامي المتخصص الصحافي الذي حضر وسجّل بعض الملاحظات وكأنه ناقد يتحسس الإبداع ومواطنه، بل ممثل يمارس شغفه بالتمثيل مشاهدة، وتجده غالباً في حالة من السكون والصخب والاندهاش مع كل حركة من الممثلين، كل الأدوات الناجحة التي تعبت وسهرت لإنجاح العرض والتي ذكرتها سابقا انتهى دورها مع خروجهم من قاعة المسرح!
وهنا يبدأ شغل الصحافي وحين أقول صحافي لست أعني الذي لم يحضر العرض، بل جاءه خبراً من العلاقات العامة لا لا لا هذا ما لا أقصد، الذي يعنينا جميعا هو الإعلامي الذي حضر العرض وسجّل كل شيء بورقته أو بذاكرته، فكأن هذا الإعلامي كالمخرج يضع يده على قلبه على كل جملة يتفوّه بها الممثل، أو حركة حتى صمت الممثل وجسده مسرح، وله مدلولاته ويعيه ذاك الصحافي جيدا، والذي سينقل كل ذلك في صحيفته اليوم التالي من العرض كتابة وصوراً!
يبقى الآن وجع في سؤال متكرر مقروء كثيرا وربما مشاهد في لقاءات بعض المسرحيين.
هل الإعلام ظلم المسرح ودعوني أُقْلِب السؤال لأقول: هل المسرح والمسرحيون ظلموا الإعلامي المسرحي؟
الأول من الوجع:
أبداً لم يظلم الإعلام المسرح! لا من قريب ولا من بعيد ....
أما الثاني فنحتاج سبر أغواره في نقاط ثلاث:
النقطة الأولى
كل مَنْ كتب عن المسرح في كتاب أو نشرة فنيّة أو مجموعة كاملة لم يذكر فيها جهود الإعلامي المتخصص في الكتابة المسرحية بتاتا، وكأنه في نظر الذين كتبوا وكل المسرحيين للأسف في نظرهم أن جهود هذا الصحافي من سقط المتاع، إن كتب أو لم يكتب لا يهم أحداً!
النقطة الثانية
الذي يكتبه الإعلامي المتخصص في العرض المسرحي - من وجهة نظري - هو بمثابة القاضي في محكمة الجمهور الذي يقرأ انتظار ما سيقوله كتابة هذا الإعلامي ليس حكما قطعياً لالالا، بل تشخيص حالة العرض كما هو بذكر الكثير من الملاحظات وبواطن الإبداع فيه.
النقطة الثالثة
الإعلامي المتخصص في الكتابة عن المسرح والمسرحيين هو مسرحي في الأصل وعاشق حدّ النخاع للمسرح وقاعة العرض، حالة من العلاج النفسي تبعثه خشبة المسرح لكل من ينتمي لأبي الفنون المسرح، وهذا يتطلب مهارة فائعة وسعة اطلاع وثقافة ملحة لكل عوالم هذا المسرح فالصحافي هو بين مسرح ومعشوق وبينهما عاشق إعلامي...
سطر وفاصلة
عيناك سيدتي
لا شيء يغريني فيها
سوى أن عينيها
تؤنس وحدتي في ليل
موحش عقيم
هكذا سرقتُ عينيها
رأيت وجهها القمري
ما أجمل تفاصيله !
ألمس صورتها
أجرّ خلفي الأحلام
والليل يكمل مسلسل الخوف
والكثير من الآلام
يداي ترتجفان
سقط مني الكلام
هي تراني الآن معذبا لا يهم !
** **
- علي الزهراني (السعلي)