أ.د.عثمان بن صالح العامر
احتفل العالم مطلع هذا الأسبوع باليوم العالمي للمدير ودور المدراء الناجحين في بناء مؤسسات عريقة، وفي نظري أن من أهم صفات وسمات المسئول أياً كان نوعه ومكانه في السلم الوظيفي أن يكون (أذن خير).
لقد فرَّق الله -عز وجل- بين نوعين من القيادات، قيادة (أذن) وقيادة (أذن خير)، وذلك في قوله -عز وجل-: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. (61) سورة التوبة.
نعم الآية تحكي حال المنافقين الذين يتهمون الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنه يصدِّق كل ما يقال له، إذا قيل له شيئاً فيهم صدقه، فإذا جاءوه وحلفوا له صدقهم، فجاء التكذيب لهم من الله -عز وجل- مباشرة (قل هو أذن خير) يعرف الصادق من الكاذب، ويميز الحق والباطل فيما يصل له من كلام. ولأن -كما يقول أهل الاختصاص- (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)، ولكون اللفظ هنا مطلقاً فهو ينطبق على كل قائد ومسئول، سواء أكان إزاء حال مماثلة لما كان في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو في غيرها من الحالات الإدارية والمواقف الحياتية وما أكثرها في عالم اليوم.
إن من أخص خصائص المدير الناجح تمتُّعه بملكة الفرز بين الصحيح والسقيم، وامتلاكه القدرة الفائقة على التفريق بين الصادق والكاذب، الناصح والمخادع، المنافق والمؤمن، المحب والكاره، الجاد والهياطي الذي يريد أن يتسلق بالتزلف والكلام المعسول والقدح بالآخرين والذم لهم والتقليل من شأنهم وازدراء قدراتهم. وما أكثرهم للأسف الشديد.
لقد فقدت بعض مؤسساتنا الحكومية عدداً لا يستهان به من الكفاءات الإدارية المتميزة نتيجة تصديق المدير ما وصله من كلام مكذوب وربما مقرون بالأدلة والبراهين المختلقة كدم الذئب على قميص يوسف، وكان الأجدر بهذا المدير أن يكون (أذن خير) حتى لا يخسر الوطن خدمات الأكفاء الأمناء، جراء تشويه سمعتهم من قبل المقربين لهذا المدير المحيطين به حاشية كانوا أو موظفين، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.