د. محمد عبدالله الخازم
عقد مدراء الجامعات الخليجية اجتماعهم رقم 24 الممثل لما يقارب مائة جامعة خليجية حكومية وأهلية، سواء حضرت جميعها أم لم تحضر. تم نقاش مواضيع مهمة، لكن العديد منها إما (مكررة) أو هي تتعلَّق بالأكاديميا في جوانبها الإجرائية (تكنكال) وليس القيادية ذات العلاقة بمهام المدراء. مدراء الجامعات، كقادة مهامهم تتعلَّق بالسياسات والإستراتيجيات العليا وليس التفاصيل الفنية للعمل الأكاديمي فهناك قطاعات أدنى تناقش تلك التفاصيل. أشير إلى ذلك وأسئلة العتب لأصحاب المعالي والسعادة المدراء؛ بماذا خرجتم طيلة سنوات من الاجتماعات، مما يمكن أن ألمسه كطالب أو أكاديمي أو مواطن خليجي؟ لماذا حتى الآن ليس لديكم اتحاد أو جمعية للجامعات الخليجية؟ لماذا حتى الآن الطالب السعودي لا يستطيع دراسة فصل دراسي بجامعة بحرينية أو عمانية أو حتى سعودية أخرى؟ لماذا لا يمكن لجامعة قطرية تبادل أعضاء هيئة التدريس مع جامعة إماراتية أو كويتية أو عمانية أو سعودية؟ لماذا تهربون من مناقشة السياسات التعليمية للجامعات إلى مناقشة قضايا فرعية تقنية أو أكاديمية وانتم قادة للجامعات ولستم مجرد مدراء برامج؟ لماذا لا نسمع آراءكم في التوجهات والجدالات الحديثة في التعليم الجامعي، مثل تحويل النظام الجامعي من فصلين إلى ثلاثة فصول أو استقلالية الجامعات أو التصنيفات وغيرها من المواضيع الراهنة، ذات الأبعاد الإستراتيجية ذات العلاقة بسياسات الجامعات العليا؟
أعتذر، لتكرار هذا الطرح، كما أدرك بأنكم ربما رددتم بعض هذه النقاشات في الردهات وفي هوامش اللقاءات، لكنني أبحث عن مواقف واضحة معلنة وعمل تنسيقي مستدام يتجاوز مجرد الأمنيات مفترضاً أنكم تجتمعون كقادة جامعات مستقلة وليس وزارات تعليم. لا أود القول بأن اجتماعات مدراء الجامعات الخليجية متكررة تغلفها الدبلوماسية والمجاملات، لكن هذا ما لمسته وعبر عنه مهتمون بالعمل الأكاديمي والتعاوني الخليجي. لذا نكرر الدعوات بتأسيس اتحاد للجامعات الخليجية، أو جمعية أو مكتب. لعل مثل ذلك يكون أكثر فاعلية حين نستطيع مناقشة مخرجات ذلك الاتحاد وحين يصبح هناك جهة تحول الأفكار إلى خطط ورؤى مستدامة ومنظمة علمياً وفكرياً وإدارياً. لدينا اتحاد الصحافة واتحاد الناشرين واتحاد الأدباء واتحاد التجار ومكتب الصحة ومكتب التعليم العام، فما عذر الجامعات في تأسيس رابطة تنظيمية - أياً كان مسماها- تأخذ على عاتقها تطوير عمل مستدام ومنظم له مخرجات واضحة في مجال تطوير سياسات التعليم العالي والجامعات وتبادل الخبرات المتنوّعة؟
لعل الاتحاد أو الجمعية الأهلية تتولى دعم السياسات والمبادرات الوطنية والإقليمية في مجال التعليم الجامعي وتطوير التعاون والعمل المشترك بين جامعات الخليج في المجالات البحثية والأكاديمية وفي مجال تبادل الطلاب والاعتراف المتبادل وغير ذلك من المهام. لعله يؤسس لدراسات منهجية داعمة للعمل المشترك ووسائل نشر ولقاءات علمية وقيادية متنوّعة. لعله يؤسس لقاعدة بيانات متاحة للجميع وغير ذلك من المهام التي لا تخفى عليكم كقادة للتعليم العالي بمختلف أنواعه وأنماطه.
ختاماً، في حال صعوبة ذلك من ناحية سياسية أو إدارية، فربما الأفضل توفير تكاليف الاجتماعات أو الاكتفاء بلقاء شرفي كل عدة سنوات..