منصور ماجد الذيابي
تحالف 8 آذار هو تحالف سياسي لبناني نشأ وتشكّل على أنقاض الوجود السوري في لبنان عام 2005 وتحديدًا بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري الذي وافته المنية عندما انفجر ما يقارب 1000 كيلو غرام من مادة التي إن تي أثناء مرور موكبه بالقرب من فندق سان جورج وسط العاصمة اللبنانية بيروت. ويتألف هذا التحالف من مجموعة أحزاب لبنانية مثل حركة أمل والتيار الوطني الحر، وحزب الله، والحزب السوري القومي وغيرها من الكتل السياسية الأخرى.
وفي 14 آذار من العام نفسه ظهر تحالف سياسي آخر باسم قوى 14 آذار وهو التحالف الذي تشكّل من تيّار المستقبل، وحزب الكتائب، وحزب القوّات اللبنانية، وحزب الوطنيين الأحرار وغيرهم. ووفقا للمصادر فإن هذه الأحزاب تنتمي إلى ايديولوجيات مختلفة من المسلمين السنّة والشيعة والمسيحيين والموارنة والعلويين وما إلى هنالك من طوائف ومذاهب ايديولوجية مختلفة.
تتصارع كل هذه الأحزاب والكتل والتّيارات الفكرية للفوز بأغلبية المقاعد والحقائب الوزارية في البرلمان والحكومة. ويلاحظ المتتبّع للشأن اللبناني أنه كلما ازداد عدد الأحزاب في لبنان، كلّما ازداد المشهد السياسي تعقيدا واحتقانا حيث ينظر كل حزب أو تيّار إلى مصلحة الوطن من منظار طائفي ضيّق ومن خلال أجندات بعض الدول المتسلّطة والمتطفّلة على الشأن اللبناني الداخلي مثل فرنسا وإيران وسوريا.
وباستثناء سوريا التي خرجت من لبنان، وإيران التي أوكلت مهمة التدخّل في الشأن اللبناني إلى ما يسمى بحزب الله، فقد ظلّت فرنسا تتقمّص دور الأم الحنون التي تسعى لتوفير الحماية والرعاية للابن المدلّل أملا بأن يكون بارّا بأتباع الكنيسة المارونية هناك. وظل المستعمر الفرنسي يسعى إلى التوغّل ثقافيا وسياسيا وبالتالي ضمان ولاء حكومة لبنانية لأمّه العطوف.
وقبل ذلك في عام 1976 كانت الوصاية السورية على لبنان قد بدأت بدخول القوات السورية بعد وقوع الحرب الأهلية اللبنانية تحت ذريعة طرد الجيش الإسرائيلي من لبنان في حين كانت الوصاية السورية التي فُرضت على لبنان من أسوأ عهود الاحتلال التي مرّ بها لبنان حيث تدهورت الحالة الأمنية والاقتصادية منذ ذلك الحين وحتى طرد القوات السورية عام 2005 رغم إعلان سوريا آنذاك بأنها دخلت لبنان لأجل انهاء الحرب الأهلية اللبنانية التي دامت 14 عامًا في ظل الوجود السوري وهيمنته على مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية في لبنان. والحقيقة أن التدخّل الخارجي من جانب سوريا وإيران لم يسهم إلا في المزيد من الخراب والدّمار والاغتيالات، إذ كان هذا البلد ساحة لتصفية الحسابات السياسية ومسرحًا لأجندات خارجية يعرفها اللبنانيون جيدا.
وقد استمر الاحتقان السياسي والاقتصادي والوضع الأمني المتدهور حتى إعلان مبادرة المملكة العربية السعودية بتاريخ 30 سبتمبر/ أيلول 1989 في عهد المغفور له بإذن الله الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود الذي استطاع أن يجمع الفرقاء اللبنانيين في مدينة الطائف السعودية حيث وقّعت الأطراف اللبنانية على وثيقة الوفاق الوطني اللبناني التي أنهت خمسة عشر عامًا من الحرب الأهلية اللبنانية.
وما أن وقع انفجار مرفأ بيروت العام الماضي حتى تعالت أصوات المجتمع الدولي للمطالبة بالتحقيق في هذا الانفجار الذي هزّ العاصمة بيروت وأودى بحياة الكثيرين من الأبرياء المدنيين الأمر الذي أزعج تحالف 8 آذار وتحديدا حزب الله وذلك خوفا من قيام المحقّق طارق البيطار بكشف حقيقة تورّط حزب الله في تخزين هذه الكميات الهائلة من المواد شديدة الانفجار لاسيما بعد الاشتباه في قيام اثنين من الوزراء المحسوبين على الحزب بتوفير غطاء دستوري لتخزين هذه المواد في منطقة المرفأ لنحو ست سنوات.
وتقول المصادر أن طارق البيطار هو قاض لبناني محايد سياسيا ورئيس محكمة الجنايات في بيروت، وثاني قاض يقود التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت عام 2020 بعد فادي صوان الذي أقالته المحكمة اللبنانية بعد اتهامه لوزيرين سابقين بالإهمال الذي نتج عنه انفجار 2750 طنّا من نترات الأمونيوم المخزّنة في المرفأ لأكثر من ست سنوات.
وكانت حشود من اتباع حزب الله تظاهرت في 14 أكتوبر 2021 خارج قصر العدل للمطالبة بإنهاء مهام بيطار القضائية ما أدى إلى اندلاع اشتباكات دامية بين الأطراف الشيعية والقوات اللبنانية المسيحية.
وكعادة حزب الله في محاولاته التأثير على سير التحقيقات القضائية ضد عناصره، فقد سعى إلى إبعاد القاضي بيطار عن تولّي مهامّه العدليّة خوفا من أن يتوصل البيطار إلى إثبات تورّط عناصر حزب الله في انفجار المرفأ كما توصلت من قبل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في يونيو حزيران من عام 2011 إلى إثبات تورّط عنصر حزب الله سليم عياش، باغتيال رفيق الحريري كما أوضحت سابقا. ولا يزال عيّاش حرّا طليقا في ضيافة حزب الله رغم إدانته قضائيا بارتكابه الجريمة. وهكذا هو «حزب الله» في تصدير المخدّرات وتخزين المتفجّرات.