علي الخزيم
إذا بدأت بوادر ومُقدمات الصَّلَع بناصية رأسك؛ فلا تستغرب وصول رسالة من محكمة الأحوال الشخصية التي ضمن مهامها قضايا الطلاق؛ لإشعارك بموعد جلسة مع مَن طَلَبت الطلاق بحجَّة أنك أصلع الرأس وأنها لا تتعايش مع هذه الحالة، هذه ليست دعابة ولا استظراف طارئ؛ بل هي الحقيقة وحَدَثَت قبل فترة قليلة مَضَت حين تقدَّمت مواطنة بطلب الطلاق من زوجها بعد أيام قليلة من زواجهما بحجَّة أنها اكتشفت صلعة رأسه غير المقبولة عندها، قد يبدو هذا السبب سخيفاً برؤية البعض، وأنه مما يُمكن تجاهله لإمكانية دوام العشرة الزوجية بالمودة والتفاهم؛ إذ إن صلع الرأس لا يتحكم بهذه السجايا والمشاعر، غير أن بعض النساء ترى أنه يُنفِّرها من زوجها، وهذا ما يُفنِّده مستشار قانوني بقوله: حين تراه هي كذلك؛ قد يراه البعض عيبًا مختلقًا لا ضرر منه وتُمكِن مداراته، عندها يحق للزوج التمسك باستمرارية العشرة، وإن أصرَّت هي فعليها إثبات الضرر مما تزعم أنه عيب بالرجل، وإلا عُدَّت ناشزًا إن لم تَعُدْ لبيت الزوجية وتسقط حقوقها وبمقدمتها النفقة.
هذه صورة من صور أسباب الطلاق التي قد يراها البعض عجيبة ولكنها الحقيقة، والصور المماثلة قد تبدو أعجب وأغرب؛ فمن المختصين مِمَّن استمعوا لقصص طلب الطلاق يروون منها ما يثير العجب، ويؤيّد هذا إحصاءات وزارة العدل؛ وكمثال: فإنه وفقاً لسجلاتها الإدارية بلغ إجمالي عدد عقود الزواج لعام 2020 (117150) عقًدا؛ مرتفًعا عن عام 2019 بنسبة 9.8 %، وعدد صكوك الطلاق 59557 بزيادة 12.7 % عن 2019، فالأرقام تدعو للقلق الاجتماعي والتأمل بالأسباب المؤدية للطلاق، ويكرر مختصون التأكيد بأن أسباب الطلاق تعود لعوامل من أبرزها عدم التوافق الفكري المؤدي إلى حوارات وجدليات تقود لطلاق عاطفي ومن ثم تَشعّب المواقف المنتهية بطلب الفراق، ومنها الفهم الخاطئ بإمكانات الزوج المادية ومبالغة الزوجة بطلبات غير منطقية لميلها للشكليات والمظاهر، وهذا ما دعا خبيرة أسرية للكشف عن أسباب تراها مؤثّرة جداً بارتفاع نسب الطلاق وتدمير العلاقات الزوجية بالمملكة؛ فتُلقي باللائمة على من يُسمّون (مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي) وأنهم أحد أهم الأسباب التي برزت أخيرًا وراء ارتفاع حالات الطلاق، فقالت: حين تظهر إحدهن وتُصوِّر خروجها مع زوجها وكيف أنهما سعداء بما يناقض واقع علاقتهما؛ ولا يدرك بعض المشاهدين الحقيقة فيستثيرهم المقطع ويُشعرهم بأنهم أقل من أولئك، لتبدأ المقارنات الخاطئة التي تُعكِّر النفوس وتخلخل العلاقة الزوجية، ويؤيّد رأيها ما شاهدته وعائلتي أمام مطعم عائلي بإحدى المدن؛ زوجان يتخاصمان بموقف السيارات قُبَيل دخولهما المطعم، ثم شاهدناهما داخل المطعم على طاولتهما أمام الشموع وهما بغاية الانسجام و(الرومانسية)، ومن يدري ماذا سيحدث بعد خروجهما من المطعم أو بالمنزل! فالرومانسية لا تُصطَنع وليست للممارسة التمثيلية المؤقتة.
حين نتحدث عن مواقف الزوجة وعشقها الاندفاعي نحو المظاهر والكماليات؛ فإن الحديث لا يُهمِل سلوكيات بعض الأزواج تجاه الزوجات وهو حديث ذو شجون وتفرعات، وبالتأكيد فإن الحديث عن (هذه وذاك) لا يطال العقلاء من الجنسين وهم الأغلب -ولله الحمد.