بدرية بنت عبدالله الشمري
لم تكن فكرة الانعزال عن كل الضوضاء التي تحيط بنا فكرة سيئة أبداً فحتى صياد السمك يحتاج أن يكون بعيداً عن كل شيء إلا صوت الماء والأمنيات بأن يعود في المساء يحمل داخل صندوقه وجبة عشاء دسمة.
أن تنعزل يعني أن تضيء من الداخل، أن تتحول لمساحة شاسعة لا يشغلها غيرك، تجول بنظرك إلى أقصى حدود نفسك وتعود محملاً بـ(أنت). الخوض في غمار النفس أشد من أي نزاع خارجي تحاور به شخصاً أمامك. هو ذلك الصوت الذي يعلو وينتظر إجابتك، لا أحد قادر على رد اسئلتك إلا (أنت). وحدك الوزير المفوض لإدارة كل تلك العلاقات التي تتشابك وتتعارك داخلك. لا غيرك يقدر على عقد الاجتماعات وإعداد قوائم المهام والخروج بالتوصيات او أن يعتمد ذلك الصمت أو يلغيه.
ليلك الطويل لا يمكن لغيرك أن يقسم ساعاته ويخرج منه بهدنة أن النوم هو أفضل الحلول وأن الطرق التي لا تؤدي إليك لا يمكن لها أن تكون هي الصحيحة. البحث عن ذاتك هو الطريق الحقيقي الوحيد في حياتك حتى وإن مهدت السبل هنا وهناك. أن ترتب أوراقك وتخرج بقرار عودتك إلى حيث تنتمي هو الشيء الوحيد الصائب في حياتك. العزلة دائرتك التي حتى وإن اغلقت مخارجها فهي تتسع بك حتى تحدد أنت طريقتك في الخروج وهي أن تحلق عالياً لا أن تتجاوزها.!
لا تحزن أبداً على يوم اجتمعت فيه مع نفسك ولم يكن لديك من تلتفت إليه يكفي أن تعلم أن وجودك بحد ذاته يصنع الفرق الذي يختار العزلة ليعود وهو يحمل الكثير منه، خير من ذلك الذي يضيع من نفسه ولا يتذكر غير اسمه المدون على بطاقة هويته. أن تغتني بنفسك وتباهي بها وتترفع عن كل ما يؤذيها هو الطريق الذي لا يسلكه إلا الأقوياء فقط.
ورقة..
أنت الذي يعودون إليك عندما تستغني عنهم.!