عندما طلب مني أبويعرب أن أكتب عن أبي عادل فكرت في الصيغة التي تليق بهرم مثله، وقلت ماذا سأكتب عن محمد العلي، الشاعر، الناقد، المفكر، كاتب المقال، المشاغب، أبي الحركة الشعرية في المملكة، إضافة إلى الإنسان محمد العلي، وسأقف عند صفاته الإنسانية بعد كلمات قليله تجعل من هذا الرجل، بحق وعن جدارة أحد الرموز المهمة والمشرفة في مسيرة الثقافة والإبداع.
تعرفت على الأستاذ الشاعر محمد بن عبدالله العلي منذ ما يقارب 26 سنة، وكنت معجبة به إنساناً وشاعراً جميلاً لديه كثير من القصائد الجميلة المعبرة التي كان يتهرب من نشـرها او تدوينها فكنت دائما (عندما نلتقي رفقة أبي يعرب على هامش معرض الكتاب بالقاهرة) أنبش في ذاكرته وأسأله عن بعض الأشياء الشخصية، فعرفت أنه كان مولعاً منذ صغره بالأدب وقراءة الشعر، وميالاً إليهما، وقد ساعده وجوده في العراق على بناء قاعدة ثقافية شعرية قبل أن ينطلق في قرض الشعر.
عندما تعرفت على أبي عادل تبين لي أنه إنسان قليل الحركة والكلام، غير مجامل في الحديث، يبدو عليه أنه أسير شيء يكتمه بداخله ولا يبوح به لأحد، أحاسيسه تتجلى على صفحة وجهه وتتحكم فيه هي ومشاعره، أسير عواطفه واندفاعات قلبه الجميل، سريع الانفعال والغضب، وكذلك سريع الابتهاج والانشراح، لا يعرف الحقد... يعيش يومه ويفكر في الغد ولا ينسى البارحة، متردد في اتخاذ بعض القرارات وخصوصاً تدوين شعره رغم حبه له، القصيدة الجميلة تهز مشاعره وتملأ نفسه نشوة أغنية جميلة تملأ قلبه إعجاباً فيتمايل برأسه وجسمه طربا ومعبرا عن شعوره، تفيض عيناه دمعا حينما يتأثر بموقف جميل أو يتذكر شيئاً مر به، أحيانا كان يتهيأ لي أن (أبا عادل) يغيب عن وعيه ويبقى قلبه يتكلم ليبوح بما يختزنه وما يؤلمه من أحاسيس وهموم المجتمع، رغم بخله في نظم قصائده لأنه لا يحب الشهرة واللمعان رغم أن شعره من أروع الشعر الحديث على الساحة العربية، الأستاذ محمد العلي نفسه قصيدة شعرية تجمع أنواع الشعر كله..
كان لي الشرف أن أجمع لقاءاته الصحفية سواء المسموعة أو المكتوبة وبعض كتاباته الصحفية، ومحاضراته وقصائده التي تستحق التدوين، جمعتهم في مجلدين وكان ذلك بمساعدة الجميل الرائع صاحب القلب الكبير الأستاذ محمد القشعمي (نصفي الثاني).
أود أن أختم بمطلع قصيدة تعجبني لأبي عادل ودائماً أرددها عندما يعجبني شيء ما وقد قالها أبو عادل عندما كان في زيارة للمغرب وبينما هو يتنقل بين حقول الزراعة والفصل كان ربيعاً أعجبه المنظر وبدأ يركض ويقول: يا حياة اركضي لن تنالي قبراً واسعاً يضم كل العباد...
** **
- عزيزة فتح الله