لا شيء يبقى كما هو؛ فالأفكار والرؤى المتقلبة والمتغيرة من سمات وكينونة الحياة، وعدالتها وإن طال غيابها وتأخرت غيمة هطولها هي آتية لا محالة؛ فالسماء ترعد وتبرق والغيمات حبلى بنساء لهن شأن وعز وبهن نفخر ونسمو.
المرأة لم تكن يومًا ضعيفة بإرادتها رغم قوتها، ولكن في حقبة من الزمن كانت تقبع في ظل من العادات العقيمة والمعتقدات الوهمية رغم بطولتها في تأسيس جيل وأبطال. ورغم المجتمعات القديمة التي مارست التقليل من دورها وأحاطوها بسور من الجهل حسب البيئة والمنشأ والفكر السائد في حينها وكأنها لم تخلق إلا للمخدع والمطبخ.. كسوء تقدير الرجل أو جهل ذكورته وقلة وعي بيئته، جعلت منها كشجرة خريف مجردة من حقوقها وأحلامها المتساقطة تحت رهان المجتمع خرساء العاطفة بكماء الشعور.
وهي بحقيقة الأمر الأم التي على يديها قامت رجال ودول من خلق فيها رحم وحياة وميزها بهذا الفضل كطريق للجنة والأحق بالصحبة وهي الزوجة والابنة والأخت والحبيبة وهي المحاربة الشجاعة ومن تستحق الفخر بكينونتها الأنثوية وعاطفتها المتجددة المزهرة وبصبرها وقوة تحملها، هي المُنجبة والمرضعة، ومدبرة المنزل والمكان الآمن داخله والقادرة على تحمل مسؤوليات جمة في آن واحد نظرا لترابط دماغها بين الجانبين مما يجعلها أكثر قابلية لتحمل تعدد المهمات.
وهي من قال عنها توفيق الحكيم: «إن عقل المرأة إذا ذبل ومات فقد ذبل عقل الأمة كلها ومات.»
لذلك لم تكتف أن تكون الجندي المجهول فامتطت صهوة الفكر والإبداع وتسلقت الصعاب وآمنت بالأحلام والأمنيات واثقة الخطى بقدرتها وعطائها واتقان عملها ودأبها المستمر.
كل بقعة عليها بصمة وكل منصب لها رأي وقرار استطاعت تمسك بزمام الأمور بين كينونتها كأنثى وعاطفة وأمومة وألم والتي لم تتخل عنهم وإن منعها الخجل والخوف من التعبير بكل حرية حتى في أمورها الخاصة
ولكن الشمس تشرق وإن غابت
والشجاعة تستيقظ وإن غفت
والهمة تصارع الصعاب وإن تعبت
وهذا زمانها. زمن يقلب الموازين لصالحها
فمقدار تقدم أو تخلف أي مجتمع هو ما تصل إليه المرأة من مكانة.
وهي الآن نور مشرقة وسماء مظلة
بعد أن كانت ظلا، اصبحت شمساً وظلا
وتحولت من الجزء للكل
ومن الفراغ للامتلاء
وغيمة ماطرة
وارض مزهرة
وهمة عالية
واحلام محلقة
هي من خلقت من ارادتها اجنحة وفضاء ومن شجاعتها وآمالها وقود وتصميم ورؤيا.
** **
- نسيم منور