مسعدة اليامي - «الجزيرة الثقافية»:
القاص أحمد العليو يذكر لنا من خلال حواره التالي بأن القصة تشكل لهُ متنفسًا وتعد الوسيلة الأكثر تعبيراً عن الواقع كما يقول: إن الأمسيات القصصية تمنح طاقة إيجابية من التحفيز والتشجيع لدى الكاتب القصصي بالإضافة إلى أنه ينكر عملية تغيب الكتاب الإلكتروني للورقي، فلكل منها من وجهة نظره عُشاق.
* ماذا تعني لك القصة وما هي أول قصة قرأت, وما الأثر الذي تركته بداخلك؟
- القصة القصيرة هي المتنفس والوسيلة الأكثر قربًا لي في التعبير عن الواقع وعن تناقضاته وجماله وقبحه والأحلام والرغبات والذكريات الجميلة أو الأليمة، وهي الجسر الذي ينقل إلى الآخر الأحلام والرؤى حول الحياة. وهذا السؤال يذكرني بقصة مترجمة ذات تأثير منذ لحظة قراءتها في الملحق الثقافي لصحيفة الجزيرة ما زالت أصداؤها ووقعها في داخلي إلى هذه اللحظات، كانت مملوءة بالمشاعر والأحاسيس التي ما زالت تؤثر فيني حينما أتذكرها.
* ماذا تقدم الأمسية القصصية لكاتب القصة سواء كان مشارك أو مستمع؟
- الأمسية القصصية تعطي الكاتب طاقة إيجابية من حيث التحفيز ومحاولة بذل الجهد بصورة أكبر، وهي فرصة تعطي للقاص مساحة لعرض إنتاجه القصصي، وحينما تكون الأمسية ذات حضور مهتم بالقصة فحتمًا سيتلقى كمية من التفاعل ويستمع إلى أصوات تعطيه وجهات نظر مختلفة لم يكن ملتفتًا لها وقت الكتابة، وتُقوم المواضع التي تحتاج إلى إعادة نظر أو النقاط التي تحتاج إلى دعم وتأكيد لها.
* كيف تغذي نفسك لكتابة قصة فكرتها نضجت بداخلك؟
- عن طريق قراءة القصص واختيار الوقت المناسب الذي يجعل القصة تخرج إلى الورقة بأحداث متسلسلة مترابطة ونهاية جاذبة.
* الكاتب طائر حر أو أنه مقيد بأنه ابن بيئته أنت من أي زاوية تنظر للكتابة؟
- في رأيي أن الكاتب مقيد ببيئته وبواقعه، قد يكون واهمًا بأنه يخرج عن بيئته حين يكتب خارج بيئته، لكن الكاتب لا يمكنه الخروج عن بيئته وواقعه، قد يلبس رداء آخر، لكن حينما يدقق ويعيد قراءة قصته يجد التفاصيل والأحداث التي عايشها قد تسللت في القصة دون وعي منه.
* كيف كانت عملية النشر سواء في المجلات أو الصحف أو دور النشر أو الأندية الأدبية؟
- عملية النشر كانت بالنسبة لي إيجابية سواء من خلال الصحف المحلية التي نشرت فيها قصصًا قصيرة أو بعض القراءات النقدية لأعمال قصصية أو روائية، أما الأندية الأدبية فقد أصدرت من خلالها المجوعتين القصصيتين: الجسر، ومعترك الذكريات.
* كيف ترى جودة النشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي للقصة؟
- وسائل التواصل الاجتماعي الآن هو الجزء الفاعل لكتاب القصة، ومن ميزاتها أن لا حدود يحجزها، تستطيع الخروج عن نطاق منطقتك أو بلادك فهو ميدان يجعل الآخرين يقرؤون لك، وهذه إحدى ميزات التواصل الاجتماعي مع إضافة ارتفاع سقف الحرية في الكتابة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
* كيف ترى ما قدم من أمسيات وبرامج ثقافية عبر الزوم وغيره وهل ترى أن هناك ثمارًا لذلك العمل خدم الحركة الثقافية للقصة؟
- بالتأكيد لولا الزوم لربما توقف جانب مهم من الأنشطة الثقافية والأدبية في هذه السنتين التي اجتاحت كورونا العالم، فأصبح الزوم كإحدى المنصات هو المنقذ ونقطة الاتصال والتفاعل بين الناس للمحاضرات والندوات المختلفة الجوانب في الحياة.
* حدثنا عن الرمزية في القصة وهل تعمل على ذلك في قصصك؟
- أنا لا أعمل في القصص على الرمزية بشكل مقصود، فلحظات انبلاج فكرة القصة هي من تتخذ مسارها وأحداثها بتلقائية، ربما هناك رمزية في القصص لكن هي تأتي بشكل عفوي، كما أن فكرة القصة هي من تختار ما يناسبها من كلمات وجمل تتوافق مع الشخصيات والأحداث والمكان والزمان.
* برأيك ما هو الاختلاف بين الأمسية المنبرية والأمسية عبر وسيلة تقنية وهل ذلك الاختلاف جوهري أو مجرد انطباع؟
- نعم، أظن أن الأمسية المنبرية يكون الانتباه والتركيز من خلال الحواس بصورة أكبر من الأمسية عبر وسيلة تقنية حيث حاسة السمع والنطق هما المسيطرتان، بالإضافة أن المنبرية تكون تحت سقف المكان الواحد، وتواجد الناس يعطي الأمسية رونقًا آخر وجدية أكثر.
* ثقافة التغيب فالصحف الإلكترونية تغيب الورقية والكتاب الإلكتروني يغيب الورقي, ما سبب ذلك العبث الذي نعيش فيه وأين الحرية للمتلقي والمعضلة عندما يكون جواب الفرد بلغة التضخيم دون أن يكون هناك دراسة تثبت ذلك التوجه فعلياً؟
- أنا ضد رأي أن الكتاب الإلكتروني يغيب الكتاب الورقي، فلكل عشاقه ومحبوه، وما يناسب إنسانًا قد لا يناسب إنسانًا آخر، هناك منْ يفضل الورقي، وهناك من يفضل الإلكتروني، وأظن وجود الكتاب بكلا الصيغتين يعزز من قيمة الكتاب، ولا ننسى أن بعض دور النشر تسهم في إعطاء الكتاب قيمة عالية، وفي الجانب الآخر نجد الكتاب الإلكتروني لا يحده حد، ويحط في مدن مختلفة بصورة سريعة.
* معترك الذكريات، بداية الكتابة هل هي معترك وما نوع العراك الذي مر به القاص أحمد مع مجموعته معترك الذكريات؟
- المعترك هو جزء من عراك أو تمازج ذكريات الشخصيات مع واقعها الحاضر، الذكرى والماضي تشكلان الحاضر لدى الإنسان وتسهم في صناعة لحظاته في المستقبل، قد تحضر بشكل مؤثر، وقد تكون عبارة عن حدث يتم نسيانه إن كان يمثل عائقًا لتقدم الإنسان أو ملجأ له من واقعه المتأزم، وكل ذلك يرجع إلى شخصية القصة ومدى وعيها وقدرتها على الإمساك بتلك الذكريات وتفاصيلها.
* ما هي أهم الحروف الأبجدية التي تركز عليها أثناء تحضير مجموعة قصصية لنشر
القصص المكتوبة؟
- كثيرة لكن حينما أحضر لطباعة مجموعة قصصية، فيتم فرزها وتصنيفها، وطبعًا ليست القصص في مستوى واحد من الجودة، فيتم استبعاد القصص الأقل فنيًا في رأيي، أو التي لا تنسجم مع قصص المجموعة في إطار عام.
* كيف ترى واقع انتشار الورش والدورات في كتابة القصة وهل تتوقع أن يكون هناك نتاج حقيقي لذلك العمل؟
- من وجهة نظري أن الدورات والورش ثمارها قليلة، فالنتاج الحقيقي يعتمد على القاص نفسه ومدى حرصه على تحسين أدواته وتقنياته القصصية من خلال القراءة المكثفة والكتابة بشكل مستمر والتواصل مع المحيط القصصي.