سهوب بغدادي
فيما يشكِّل الصم وضعاف السمع فئة كبيرة في مجتمعنا، ونقف في انبهار من أنشطتهم المجتمعية وإسهاماتهم للمجتمع بشتى الصور وفي مختلف المجالات، فضلًا عن شغلهم مهام عديدة ومتنوّعة لا غنًى عنها في المنظمات الحاضنة لهم، نستشف الحاجة الملحة لتمكين ذوي الإعاقة بمختلف أشكالها، سواء فكرية، أو سمعية، أو بصرية، أو حركية، ويأتي التمكين من خلال التوقف على كل حالة على حدة، ومعرفة مواطن القوة وإبرازها بما يتوافق مع الأهداف العامة للجهة. من هذا السياق، يسعني أن ألقي الضوء على عدد من الكيانات والتطبيقات والأشخاص الذين يعملون بشكل دؤوب لتحقيق مبدأ التمكين لهذه الفئة العزيزة على قلوبنا.
برزت قناة الصم الثقافية بقيادة الإعلامي عبدالله المحمدي، والتي عرفت بتقديمها العديد من البرامج الثقافية والمتنوعة منذ انطلاقتها؛ ومن أبرزها البرنامج الحواري «جلستنا»، الذي يستضيف الشخصيات البارزة والمؤثرة من أجل التثقيف وزيادة الوعي. وقد تميزت القناة باستخدامها لغة الإشارة لغةً رسميةً أساسية لها. على صعيد إسهامات الأفراد، تميز الأستاذ الإعلامي حمد الحميد الذي يلقب بسفير الصم في المملكة والذي عرف بنشاطه في مجال التوعية بحقوق الصم وضعاف السمع، ونشر مؤخرًا كتابه تحت عنوان «قراءة نقدية وثقافية: أزمة الصم في العالم العربي، أزمة لغة أم أزمة مجتمع»، ومثال آخر، نشاط الأستاذ المتميز عبدالله المسند الذي يترجم خطب يوم الجمعة بلغة الإشارة، علاوة على وجوده في أغلب المحافل والمؤتمرات التي تخص فئة الصم وضعاف السمع.
في الموطن المعني بالكيانات الفعَّالة في المجتمع، أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية برنامج مواءمة وهو أحد البرامج الذي تم إطلاقه تطبيقًا لإستراتيجية المملكة لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ويهدف إلى تمكين ذوي الإعاقة من الحصول على فرص عمل مناسبة، ومدّهم بكافة التسهيلات والأدوات التي تساعدهم على تحقيق النجاح، إضافة إلى تحفيز وحث المنشآت في القطاع الخاص على توفير بيئة عمل ملائمة للأشخاص ذوي الإعاقة، وفق معايير واشتراطات محددة، تمكن المنشأة من الحصول على الترخيص اللازم لتوظيفهم. وقد عرفت عن التطبيق الخاص بالبرنامج على متجري «أبل» و»أندرويد» والذي يحوي مزايا جميلة مثل طلب ترجمة لغة إشارة بشكل فوري بمجرد دخول التطبيق بإشراف مختصين، وخدمة وصفية للمكفوفين، كما تعد أيقونة مواءمة الأماكن والمرافق لذوي الإعاقة من أبرز الأمور في التطبيق، والتي أحث الجميع على الإدلاء بآرائهم عند الذهاب لمكان ملائم للفئة المعنية من عدمه، لنساهم جميعًا في تحسين جودة الحياة للفرد في المملكة العربية السعودية. الجدير بالذكر، أن الأستاذتين مريم وحنان الصعيدي تعدان من أبرز المساهمات في هذا المجال ومن الداعمات لخدمة الترجمة في تطبيق مواءمة.
ولا يسعني الزمان أو المكان أن أوفي الجميع حقهم في الذكر أو الشكر، ولكنها أمثلة حية على تمكين ذوي الإعاقة وتفعيل دورهم للإسهام في المجتمع.