د.معراج أحمد معراج الندوي
لقد حلَّ بنا شهر ربيع الأول، ربيع الأنوار، يطلق المسلمون اسم ربيع الأنوار، وهو الشهر الثالث من شهور السنة وفق التقويم الهجري الإسلامي، شهر ربيع الأول، كان ربيعا للأمة الإسلامية ربيعا مضيئا هادئا، كان ربيع الوسطية والوحدة والاعتدال والتوازن في الحب والدعوة والخير والسلام.
إن شهر ربيع الأول بمولد الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - كان ربيعا للبشرية جمعاء، ربيع الرحمة، (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) ( الأنبياء - 107)، فشهر ربيع الأول هو ربيع الحياة بالمعنى الحقيقي للكلمة، إذ ولد في هذا الشهر الإنسان العظيم الذي بارك الله حوله كل الخيرات والبركات التي قدرها الله تعالى للبشرية، هذه الولادة المباركة مبدأ ومنطلقا لكل البركات التي كرَّم الله تعالى بها المجتمع البشري كله.
في ربيع الأول ولد على أرض مكة المكرمة ولد كريم في أسرة كريمة، كفله جده ودخل به الكعبة المقدسة ودعا الله وشكر له، وسماه «محمد» ولم يكن اسم محمد معروفا لدى العرب، ولكنه اليوم أشهر اسم أبنائها، ولا يكاد يخلو بيت أو أسرة من هذا الاسم الكريم.
عاد ربيع الأول إلى حياتنا من جديد، عاد ربيع يحمل في ثناياه ذكريات عطرة من سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، إذ ولد الهدى في ربيع الأول، ربيع الإنسانية، فشرفت به الدنيا وازدان بريقها، استيقظت الإنسانية واستضاءت الكائنات وابتسم الزمان على مولده.
هذا الإنسان العظيم بعثه الله تعالى كمعلم الإنسانية ليتمم مكارم الأخلاق، لو تدبر فيها المسلمون اليوم، وتأملوها لكانت درسا لهم لفتحت أمامهم بابا واسعا على الحياة، إنها ذكريات عظيمة وقيمة بالنسبة للأمة الإسلامية، ولا تزال الأمة الإسلامية في كل أرجاء العالم تستلهم هذه الذكريات وتستمد منها الدروس.
وفي ربيع الأول بدأت قصة الوحي بالرؤيا الصالحة التي كان يراها صلوات الله وسلامه عليه، فتأتي مثل فلق الصبح، وفي ربيع الأول أضاءت المدنية المنورة بقدومه الميمون - فكان يوما مشهودا من أيام الإسلام، حيث ارتجت البيوت والشوارع بأصوات الحمد والتسبيح، وتغنَّت بنات الأنصار بالأرجوزة المحفوظة عند عامة المسلمين.
طلع البدر علينا .. من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا .. ما دعا لله داع
أيها المبعوث فيها .. جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة .. مرحبا يا خير داع
فكان ربيع الأول استقبال الوليد الطاهر، وكان فيه أن تشرفت أرض المدينة بوطء قدمه أرضها، واحتضان تربتها جسده الطاهر الشريف.. فسلام على أرض المدينة وأهلها فقد احتضنت فيها خير داع للإسلام.
** **
الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها - جامعة عالية،كولكاتا - الهند