«الجزيرة» - كتب:
أصدر الزميل د. حادي بن براك العنزي، كتابه: المجتمع والسياسة قضايا ومقاربات في علم الاجتماع السياسي، ويحاول هذا الكتاب أن يتجاوز حساسيتنا المجتمعية والقيود السياسية التي تفرضها (بعض) الأنظمة، فهو يتناول وبعمق المجتمعات الإنسانية والظواهر السياسية، ويتطرق لطبيعة العلاقة بين المجتمع والسياسة، وأيهما يؤثّر أكثر على الآخر؛ والكتاب بصفة عامة أقرب إلى الدراسة العلمية من الاجتهادات الفكرية؛ إلا أن خبرة المؤلف الأكاديمية ومشاركاته العلمية والعملية في مجالات علم الاجتماع العام والسياسة تفرض هذا الكتاب؛ ليكون مرجعاً أساسياً، لا غنى عنه؛ لصانعي القرار، وكذلك المختصون والأكاديميون وطلبة العلوم الاجتماعية والسياسية في الجامعات العربية، وذلك بما يتناوله من موضوعات شاملة حول ماهية علم الاجتماع السياسي ومنهجيته وتاريخه ونظرياته منذ العصر القديم وحتى وقتنا الحاضر، بالإضافة إلى مناقشة الموضوعات الاجتماعية السياسية التي فرضتها تداعيات العولمة، وأدوات الثورة التقنية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وأصبحت هاجس الدول النامية في سبيل المحافظة على مواردها البشرية والمالية.
لقد جاء هذا الكتاب ليسلط الضوء من جديد على علم الاجتماع السياسي بصفة عامة، ويقدم مقاربات علمية وقضايا معاصرة ومتعددة حول المجتمع والسياسة، بدءاً من تكوين الإنسان السياسي وصولاً إلى الآثار التي تتركها السياسية على الأفراد والمجتمعات.
إنه إضافة ثرية للمكتبات العربية بصفة عامة، وللمخزون العلمي في مجالي العلوم الاجتماعية والإنسانية بصفة خاصة.
ويكشف د. حادي عن أسرار هذا الكتاب بقوله: كثيراً ما يُطرح السؤال عن طبيعة العلاقة بين المجتمع والسياسة، وأيهما يؤثّر أكثر على الآخر، وإن كان هذا السؤال يغلب عليه طابع الصراع أكثر من الوظيفي أو الرمزي، إلا أن هناك من يرى الغلبة للسياسة -إذا عرّفها على أنها الدولة- على اعتبار أن الدولة وحدة التحليل الرئيسة في تناول النظم السياسية، فهي القوة العليا الناتجة من المجتمع والمفروضة عليه؛ لذا تضع نفسها فوق المجتمع، فهي جاءت تجسيداً للإرادة الجماعية، بهدف تحقيق الصالح العام. وفي المقابل هناك من يأخذ بقدرة وأولوية المجتمع، فهو سابق للنظام السياسي؛ بل وللدولة التي ما هي إلا تمثيل للمجتمع. وعلى إيقاع الفكر البشري، وعزف ثقافة المجيب تتعدد الإجابات ويزيد الجدل!
والجواب الشامل لا يمكن أن تجده في علم السياسة منفرداً، ولا في علم الاجتماع منفرداً أيضاً، وإنما يكمن في جوهري هذين العلمين معاً؛ مما يتطلب - برأينا - محاولة إيجاد ثلاثة أمور، هي: عزل كل ظاهرة عن الأخرى، ثم دراسة العلاقة بينهما، فإيجاد الأثر المتبادل لكل منهما على الآخر. وهذا هو الجوهر الحقيقي لعلم الاجتماع السياسي الذي تصارع عليه علماء الاجتماع وعلماء السياسة، إذ يؤكد كل منهم أحقيته بهذا العلم، ويقدم الأدلة الخاصة به على أنه فرع منه. إلا أن علم الاجتماع السياسي ورغم أنه حديث في تسميته، وقديم بمادته العلمية؛ فإنه يفرض نفسه كعلم مستقل يدرس موضوعاً محدداً هو المجتمع الإنساني، ليسهم في حل التداخل بين ماله صفة اجتماعي، وما يأخذ الشكل السياسي.
ومن هذا المنطلق فإننا نقدم الإجابة في دراسة نظرية ضمّناها هذا الكتاب، وعمدنا في ذلك المنهج الاستقرائي الاستنباطي للوصول علمياً إلى مضامين علم الاجتماع السياسي، بعد أن جزأنا الكتاب إلى ثلاثة أبواب، أو ثلاثة أسئلة كبرى، تدور حول العلاقة بين علمي السياسة والاجتماع، وكذلك المنهجية العلمية والاتجاهات النظرية، بالإضافة إلى القضايا المعاصرة للمجتمع والسياسية، وتفرعت هذه الأبواب، أو الأسئلة الكبرى إلى أسئلة فرعية، جاءت الإجابة عليها في عشرة فصول بحثية.
فقد جاء الفصل الأول، كمدخل إلى علم السياسة وعلاقته بعلم الاجتماع العام، وتناول المعرفة الإنسانية والمعرفة السياسية، والتعريف بعلم السياسة، وكذلك الاتجاهات في علم السياسة، والمجتمع والفكر السياسي، بالإضافة إلى عناصر المجتمع السياسي، وارتباط علم السياسة بعلم الاجتماع. أما الفصل الثاني، فتطرق إلى ماهية علم الاجتماع السياسي من حيث التعريف بعلم الاجتماع السياسي، وأهمية الدراسة الاجتماعية للظواهر السياسية، ونشأة وتطور علم الاجتماع السياسي، وكذلك مجالات وأهداف علم الاجتماع السياسي.
وناقش الفصل الثالث، منهجية علم الاجتماع السياسي من حيث مناهج البحث في علم الاجتماع السياسي، والمشكلات المنهجية والدراسية التي تواجه علم الاجتماع السياسي. والفصل الرابع تناول الاتجاهات النظرية لدراسة علم الاجتماع السياسي في العصور القديمة والحديثة والمعاصرة. أما الفصل الخامس فقد تم تحديده لتكوّين الإنسان السياسي، وشمل: النظام السياسي، والتنشئة السياسية، والثقافة السياسية، والتنمية السياسية.
وتطرق الفصل السادس إلى الدولة والسلطة السياسية والقوة، فيما ناقش الفصل السابع، الصفوة السياسية، والقيادة، وكذلك والمواطنة. أما الفصل الثامن فقد تناول الأيديولوجيا والديمقراطية والبيروقراطية، فيما خُصص الفصل التاسع للأحزاب السياسية، وجماعات الضغط، والرأي العام، وناقش الفصل العاشر الفساد السياسي والعنف السياسي والثورة.
لقد تم تحديد موضوعات الكتاب بما ينسجم مع مضمون علم الاجتماع السياسي، والهدف الأساسي لهذه الدراسة، ومع ذلك ومن خلال اطلاعنا فقد وجدنا التناقض الكبير في تحديد هوية هذا العلم، وإبراز مفاهيمه ومواضيعه الأساسية، بالإضافة إلى قلة ما كتب عن هذا العلم سواءً من المختصين العرب أو الغربيين.
كما حاولنا في هذا الكتاب - قدر الإمكان- أن نكتب بأسلوب مبسط وواضح؛ من أجل أن يستفيد منه بالإضافة إلى الأكاديميين والمختصين، طلاب الجامعات والراغبين في القراءة ومعرفة المزيد عن علم الاجتماع السياسي.