«الجزيرة» - كتب:
د. مدني: هذه السلسلة من الدراسات التي تلقي الضوء على السياسة الخارجية السعودية، وعلى بعض الموضوعات والقضايا ذات الصلة المباشرة بها، وبشكل يمزج بين الطابع النظري الأكاديمي، وبين الواقع العلمي التطبيقي، ويطرح في الوقت ذاته أساليب ومناهج غير مسبوقة في دراستها ومحاولة فهمها.
مدني: لقد كتب الكثيرون عن السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية سعوديون وعرب وأجانب، إلا أن الكتابة عنها من قبل أحد مواطنيها الذين عملوا في مجالها مدة تربوا على نصف القرن، وعاصروا أحداثها وواكبوا تطورها، وشهدوا مسيرتها عن كثب، هو أمر غير مسبوق.
أصدر معالي الدكتور: نزار عبيد مدني، كتابه: (مدخل لدراسة السياسة الخارجية السعودية)، ضمن سلسلة دراسات سياسية سعودية1، ويقع هذا الكتاب في 440 صفحة من القطاع المتوسط، بطباعة فاخرة، موزعًا مادته في أربعة فصول بعد التوطئة، الفصل الأول: التأصيل النظري لمفهوم السياسة الخارجية، والفصل الثاني: تاريخ وجذور السياسة الخارجية السعودية المعاصرة وجذورها، والفصل الثالث: نحو منهج جديد لدراسة وفهم السياسة الخارجية السعودية وفهمها، والفصل الرابع: حاضر السياسة الخارجية السعودية ومستقبلها «رؤية استشرافية»، وكما ضم الكتاب سبعة ملاحق: الملحق الأول: رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والملحق الثاني: كلمة سمو وزير الخارجية في الدورة الخامسة والأربعين للجمعية العامة للأمم المتحدة نيويورك 11ربيع الأول1411 / 2 أكتوبر 1990م، والملحق الثالث: كلمة سمو وزير الخارجية في القمة الثانية عشرة لدول عدم الانحياز ديربان- جنوب أفريقيا 11جمادى الأولى 1419هـ/2 سبتمبر 1998م، والملحق الرابع: كلمة سمو وزير الخارجية في المؤتمر السنوي الأول لمؤسسة الفكر العربي، القاهرة 19شعبان1423 هـ/ 27 أكتوبر2002م، والملحق الخامس: كلمة سمو وزير الخارجية في جامعة أكسفورد، لندن 18محرم 1426هـ/ فبراير2005م، والملحق السادس: كلمة سمو وزير الخارجية في القمة الإسلامية الحادة عشرة، داكار -السنغال 5ربيع الأول 1439هـ/13مارس 2008م، والملحق السابع: كلمة سمو وزير الخارجية في أمام مجلس الشورى السعودي 9 جمادى الآخرة 1436هـ/31 مارس2015م.
ليؤكد معالي الدكتور: نزار عبيد مدني في توطئة الكتاب، أهمية الموضوع المطروح بقوله: (تعد السياسة الخارجية لأي دولة من الدول ركنًا أساسيا من أركان السياسة العامة للدولة، وهي التي تحدد -من ضمن عوامل أخرى- مكانة تلك الدولة في المجتمع الدولي، ومدى احترام ذلك المجتمع لها، وتقديره لدورها في النظامين الإقليمي والدولي).
ليشير باهتمام إلى تلك المواضع التي عالجها كتابه بدقة عبر قوله: (لقد كتب الكثيرون عن السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية، سعوديون وعرب وأجانب، إلا أن الكتابة عنها من قبل أحد مواطنيها الذين عملوا في مجالها مدة تربوا على النصف قرن، وعاصروا أحداثها وواكبوا تطورها، وشهدوا مسيرتها عن كثب، هو أمر غير مسبوق فيما أعلم، فإذا أضفنا لذلك الخلفية الأكاديمية التي يتمتع بها هذا الكاتب، وتخصصه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، والتي تمكنه من ثم من تحويل النظريات التي طرحها الأكاديميون إلى واقع تطبيقي، من شأنه جعل تلك النظريات حية، تتعايش مع الواقع السياسي والاقتصادي، ومن ثم تحويلها إلى تطبيق عملي لنظريات السياسة الخارجية على أرض الواقع)، وفي هذا الموضع لا بد أن نشير إلى السيرة المشرفة لمعالي الدكتور نزار عبيد مدني، الذي ولد عام (1360هـ / 1941م) بالمدينة المنورة، وعين وزيرًا للدولة للشؤون الخارجية المملكة العربية السعودية سابقًا، وحصل درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة القاهرة، وعلى شهادة الماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة الأمريكية، وعلى شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية من الجامعة الأمريكية، والتحق بالعمل بوزارة الخارجية عام 1384هـ الموافق 1965م بوظيفة ملحق دبلوماسي، ثم انتقل للعمل بسفارة المملكة العربية السعودية بواشنطن عام 1387هـ الموافق 1968م، وتدرج في أعمال السفارة إلى أن أصبح في بعض الفترات قائماً بالأعمال فيها، ثم عُين مسؤولاً عن الشؤون الإعلامية بوزارة الخارجية عام 1398هـ الموافق 1978م، ثم عُيِّن نائباً لمدير عام مكتب صاحب السمو الملكي وزير الخارجية في عام 1405هـ الموافق 1984م، ثم عُين رئيساً للإدارة العامة للشؤون الغربية بوزارة الخارجية عام 1407هـ الموافق 1987م، وبنفس التاريخ صدر قرار مجلس الوزراء بتعيينه على وظيفة سفير بالمرتبة الخامسة عشرة بوزارة الخارجية.
كما شارك في الفترة من 1398هـ الموافق 1978م إلى 1413هـ الموافق 1993م في وفود المملكة إلى العديد من المؤتمرات الدولية سواء في إطار الأمم المتحدة أو الجامعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامي أو مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
كما رأس وفد المملكة إلى اجتماعات لجنتي نزع السلاح والأمن الإقليمي والتوجيه والتسيير المنبثقتين عن المفاوضات متعددة الأطراف الخاصة بعملية السلام في الشرق الأوسط.
وشارك في الأنظمة الأكاديمية والفكرية التي ينظمها معهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية.
له مساهمات أكاديمية وفكرية في المطبوعات التي يصدرها معهد الدراسات الدبلوماسية وفي بعض الصحف المحلية.
بتاريخ 1414هـ الموافق 1993م صدر الأمر الملكي الكريم بتعيينه عضواً في مجلس الشورى في دورته الأولى.
ورأس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى في العام الأول من الدورة الأولى للمجلس ثم عضواً في لجنة الشؤون الخارجية في الأعوام التالية للدورة الأولى، وأصبح عضواً في لجنة الشؤون الأمنية بالمجلس.
وبتاريخ 1418هـ الموافق 1997م صدر الأمر الملكي الكريم بتعيينه عضواً في مجلس الشورى في دورته الثانية.
وبتاريخ 24 رجب 1418هـ الموافق 25 نوفمبر 1997م صدر الأمر الملكي الكريم بتعيينه مساعداً لوزير الخارجية بمرتبة وزير.
مددت خدماته بمرتبة وزير بتاريخ 1 ربيع الأول 1422هـ الموافق 24 مايو 2001م.
وبتاريخ 18 جماد الثاني 1426هـ الموافق 24 يوليو 2005م صدر الأمر الملكي الكريم بتعيينه وزيراً للدولة للشؤون الخارجية اعتباراً من 24 / 7 / 1426هـ الموافق 29 / 8 / 2005م، ومددت خدماته بمرتبة وزير بتاريخ 24 رجب 1430هـ الموافق 17 يوليو 2009م، وهذه السيرة المشرفة لمعاليه تكشف لنا عن سر النجاحات المتوالية التي حققها في العديد من المحطات التي مر بها، وكان لها تأثير مهم في عمله، فهو الذي استطاع أن يجمع بين الجانبين الأكاديمي والعملي في أثناء عمله، ليؤسس لقاعدة علمية عملية دبلوماسية فريدة من نوعها يعكس جوانب مهمة منها هذا الكتاب الذي بين أيدينا.
ولسائلٍ أن يسأل ما الذي دفع معالي الدكتور نزار مدني أن يخوض في غمار الكتابة في الجانب السياسي، ولعل الإجابة ذكرها معاليه بقوله: (كانت هذه الأفكار تراودني ليل نها، لا تبرح تغادر مخيلتي في يوم، إلا وتعود إليه في اليوم التالي بإلحاح، أكثر وإصرار أشد.
وكان مما جعل تلك الأفكار تلقى هوى في نفسي، وتحظى بالكثير من اهتمامي وانشغالي الفكري، هو تلاقيها من أنية طالما تمنيت أن أحققها منذ أمد بعيد، وهي إصدار سلسلة من الدراسات التي تلقي الضوء على السياسة الخارجية السعودية، وعلى بعض الموضوعات والقضايا ذات الصلة المباشرة بها، وبشكل يمزج بين الطابع النظري الأكاديمي وبين الواقع العلمي التطبيقي، ويطرح في الوقت ذاته أساليب ومناهج غير مسبوقة في دراستها ومحاولة فهمها».
ويكشف د.مدني، عن أمر مهم في اتجاهه للكتابة قبل مرحلة التقاعد بقوله: (وعلى الرغم من أنني اقتحمت عالم التأليف قبل أن أحال على التقاعد بعدة سنوات، ربما بلغت العشرة، إلا أن جميع الكتب التي أصدرتها لم تتطرق بشكل مباشر للسياسة الخارجية لبلادي، أو للموضوعات التي تتصل بشكل مباشر، مع أن الكتابة عنها كانت ولا تزال من الأشياء الأثيرة لدي والمحببة إلى نفسي ولكنني أحجمت عن القيام بذلك، لاقتناع تام بأن الإقدام على نشر دراسات تتعلق بالسياسة الخارجية السعودية، وأن على رأس العمل وما قد تتضمنه تلك الدراسات من رؤى وأفكار وآراء وملاحظات سوف تؤدي لا محالة إلى تفسيرات، قد تكون غير مقصودة وإلى تأويلات غير مرغوبة أو مبررة، وهو ما كنت حريصًا على تجنبه تقديراً وإكبارا للجهاز الذي كنت منتميا إليه وحفاظًا على أمانة العمل الذي كنت أقوم به).
وهذا الكتاب إلى جانب ما يتصف به من قوة الطرح والصراحة في الآراء، إلا أنه يكشف عن مرحلة مهمة من مراحل السياسة الخارجية السعودية، وجزءًا مهماً من سيرة رجل عمل فيها بكل صدق وأمانة وإخلاص.