فيصل خالد الخديدي
العلاقات اللونية وإدراكها وحسن التعامل معها يتطلب حساسية عالية وعيناً لماحة وروحاً شفافة تجيد الاختيار والتنسيق، هذا بالإضافة للخبرة والدربة والمهارة والدراسة والتجريب التي تختصر كثيراً من الخيارات وتنسج حزم اللون في نسيج من العلاقات المتماسكة، إما توافقاً أو تبايناً لتصافح العين بيسر ولطف وعذوبة، وتضيف للعمل الفني قيمة وجمالاً واتساقاً، وتبرز قدرة الفنان وتمكنه من جودة خياراته وتوظيفها في صالح موضوع أعماله بشكل تكاملي يتعاضد فيه الشكل مع اللون، ويخدم رؤية الفنان ليصل برسالة أعماله بشكل متماسك وناضج من جميع الجوانب، ولعل هذا أول ملمح يبرز لمتصفح وزائر أعمال المعرض الشخصي (تعايش) للفنان سامي القثامي، والذي قدم فيه الفنان أكثر من خمسين عملاً متباينة الأحجام بين صغيرة ومتوسطة بألوان الأكريلك وبعض العجائن والخامات المتنوعة ومعدن الآيتان.
الفنان سامي القثامي من الفنانين الشباب استطاع أن يطور قدراته من خلال العديد من الدورات والمشاركات، إضافة إلى أنه دارس للفن ومدرس له، وحاصل على درجة الماجستير فيه، وله الكثير من المشاركات الجماعية والمعارض المشتركة على مستوى المملكة، وبالإضافة لقدراته الفنية في مجال الرسم فهو على قدر مميز من التمكن في الخط العربي، وحصل على جوائز متقدمة في العديد من مسابقات جمعية الثقافة والفنون بالطائف في مجال الخط العربي، وله حضور مميز لسنوات من خلال جناح الخط العربي بسوق عكاظ.
المعرض (تعايش) يعتبر باكورة المعارض الشخصية للفنان سامي القثامي وخلاصة تجاربه، قدم فيه أعمالاً قامت على العلاقات اللونية لمجموعة اللون الواحد ودرجاته ومجموعة الألوان المتباينة في ريليف بارز وغائر من المعاجين ومن معدن الآيتان والخامات الأخرى المتنوعة التي أتقن عليها بعض الزخارف الشعبية والزخارف النباتية والهندسية في خطوط مستقيمة وحادة وأخرى غير منتظمة تتمركز عادة في مساحة محدودة في بؤرة العمل، تاركاً مساحات لونية تفتح البصر بنعومة ودفء لأطراف الأعمال وكأنما الرائي لها ينظر بعين الطير في بناء يجمع خرائط علوية لمنظومة لونية وزخرفية تقترب من صور جوية لمدن تتعايش في خطوطها وألوانها وتضاريسها وتتسع مساحات أطرافها، في تكوينات اجادت عناصرها في التعامل مع المحاور الأفقية والعامودية للأعمال بقطعات لونية مدروسة النسب والمساحات توافقت فيها اشكال العناصر المتنوعة الملامس والأحجام مع الخيارات اللونية التي أسبغت بكنهها وصفائها الكثير من الهدوء والاتزان والربط لتصل إلى تعايش حقيقي بين اجناس مختلفة سواء في العمل الواحد أو في العلاقات بين اعمال المعرض التي أوصلت رسالة الفنان في التعايش بين الاجناس المختلفة والألوان المتباينة والخروج بجمال الشكل ورمزية المدلول وزخرفية العناصر في أعمال متنوعة نجح فيها الفنان لتصل للمتلقي بشكل أكثر هدوءاً وتعايشاً ونعومة.