فضل بن سعد البوعينين
المتمعن في مضامين الإستراتيجيات التنموية التي بدأ سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في إطلاقها تباعًا، يجد فيها التركيز على استثمار المقومات المتاحة في كل منطقة، وجعلها محور التنمية والقاعدة التي تبنى عليها الإستراتيجية، إضافة إلى تحقيقها مبدأ التنمية المتوازنة في جميع مناطق المملكة، وتركيزها على البُعد الاقتصادي الذي ينعكس مباشرة على اقتصاد المنطقة، والاقتصاد الكلي، والقطاع الخاص وعموم المواطنين. إستراتيجيات العلا ونيوم وعسير من أدوات التنمية المتوازنة، والتي تركز على الاستثمار الأمثل للمقومات الطبيعية والثقافية والتنافسية لكل منطقة وتعظيمها ورفع عوائدها الاقتصادية والتنموية.
لم تكن إستراتيجيات التنمية المناطقية المتوازنة مرتبطة بمشروعات البنى التحتية فحسب؛ بل ركزت على أبعاد تنموية مختلفة ومنها التنمية المجتمعية، والاقتصادية التي تعتمد في مكوناتها على المقومات التنافسية لكل لمنطقة. تطوير البنى التحتية؛ واستكمال مشروعاتها من الركائز الرئيسة التي تهدف لتوفير البيئة الحاضنة للمشروعات العملاقة بحسب القطاعات المستهدفة.
وهذا ما نجده بالفعل في إستراتيجية منطقة عسير التي تهدف إلى تحقيق نهضة تنموية شاملة للمنطقة، من خلال ضخ ما يقرب من 50 مليار ريال عبر استثمارات متنوعة؛ لتمويل المشروعات الحيوية، وتطوير مناطق الجذب السياحي، ولتكون عسير وجهة عالمية طوال العام، اعتمادًا على المقومات السياحية والثقافية والبيئية المتاحة وبما يسهم في دفع عجلة النمو الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة، المتوافق مع أهداف رؤية 2030 التي تشكل الإطار التنموي العام في المملكة.
كتبت العام 2015 ما نصه «يتهادى زائر عسير بين الخضرة والماء والطقس الحسن، ونفحات الأصالة، وعبق التاريخ.. قطعة من الجمال الرباني تتباهى لمن يُكمِلُ حسنها بالمشروعات التنموية كي تحتل مكانتها المستحقة على خارطة السياحة الإقليمية».. وأحسب أن وقت العمل الجاد قد أزف بإطلاق إستراتيجية عسير التي ستعيد رسم المنطقة وفق رؤية مستقبلية تعتمد السياحة كقاعدة للتنمية الاقتصادية. فالقطاع السياحي هو الأكثر خلقًا للوظائف والفرص الاستثمارية الصغيرة والمتوسطة، والمحفز للتدفقات الاستثمارية والأجنبية، والمعزز لاستكمال البنى التحتية ورفع كفاءتها، ومن ركائز التنمية الاقتصادية الشاملة. وبالرغم من أهمية القطاع السياحي، والاعتماد عليه كقاعدة رئيسة للإستراتيجية، إلا أن من المهم الإشارة إلى مشروعات تطوير قطاعات الاتصالات والصحة والنقل والتعليم التي تُعد من مكونات الإستراتيجية الجديدة.
إطلاق الإستراتيجية الجديدة من أهم محفزات الاستثمار المحلي والأجنبي الذي يبحث عن الفرص النوعية وفق إستراتيجية واضحة، ودعم حكومي يشمل تسهيل إجراءات بدء الأعمال، وتوفير التمويل اللازم، والشراكة الاستثمارية في المشروعات الكبرى.
السياحة من أهم المحركات الداعمة للاقتصاد، والمحققة لهدف تنمية الإنسان والمكان.. وعسير تمتلك كل مقومات السياحة العالمية التي ستتحول - بإذن الله- خلال الأعوام القادمة إلى محركات نمو للمنطقة وللاقتصاد الوطني، وأدوات بناء للإنسان والمكان عمومًا.