عبد الاله بن سعود السعدون
يتطلع المواطن العراقي وبكل صنوفه وأعراقه نحو اليوم العاشر من أكتوبر الحالي بأمل (مضطرب) لتحقيق هدف الشعب للتغيير في العملية السياسية والعمل على ظهور جبهة وطنية جديدة من الشباب المخلص المحب للعراق الدولة ورسم خارطة طريق للنظام المؤسسي الحديث، والذي يضع مصلحة العراق العليا فوق كل اعتبار مذهبي أو عرقي وينأى بالقرار السياسي العراقي عن كل توجيه خارجي ومن أي جهة كانت ومحاسبة الفاسدين وقتلة ثوار تشرين... المواطن العراقي بعد أن أصابه اليأس من العملية السياسية المعتمدة أساساً على الطائفية وتقسيم الاستحقاقات الانتخابية بالمحاصصة على قوائم مذهبية ومكونات عرقية ومواطن بعيداً عن الحراك السياسي، ومغيب عنه ويشعر بأن هدف السياسي المنتخب بأصواته لا يعمل من أجله والوطن بل تأكد بالتجربة الطويلة لأكثر من عقد ونيف للعهد الجديد في العراق اهتمام النائب بذاته والكسب غير الشرعي ومن صفاته التي أدركها المواطن سلبية الانتماء للوطن ونهب المال العام مع انتشار الرشوة والفساد المالي والإداري وحرمان الشعب العراقي من الخدمات العامة والحقوق المدنية والإنسانية... وتتميز هذه الانتخابات بالصراع الانتخابي بشكل واضح بين الكتل السياسية في الوسط والجنوب وتعلن مسبقاً وقبل إجراء الانتخابات بأنها ستحصل على المركز الأول في هذه الانتخابات المفصلية الهامة حتى أن الكتلة الصدرية والتي يتزعمها السيد مقتدى الصدر قد أعلنت برنامجها السياسي والاقتصادي للوزارة الصدرية القادمة والذي احتوى على ثلاثة عشر بنداً إصلاحياً يلتزم بها وزراؤهم بقسم أمام السيد الصدر وأهم البنود إنهاء وجود السلاح المنفلت في الشارع العراقي والقضاء على الفساد المالي والإداري وبرأيي المتواضع أن الكتلة الوحيدة التي تستطيع القضاء على السلاح المنفلت والمليشيات الولائية هي الكتلة الصدرية للولاء التام لأبناء الطائفة الشيعية لآل الصدر مع الاحترام العالي في نفوسهم، والسبب الآخر أن للكتلة الصدرية أجنحة مسلحة تأتمر بتوجيه السيد مقتدى الصدر مباشرةً.
ومن جهة أخرى أعلن السيد هادي العامري زعيم كتلة الفتح بأن مرشحي كتلته سيحوزون على المرتبة الأولى ويأمل بتشكيل الوزارة القادمة ومن إصلاحاته الاقتصادية الهامة والتي ستنعش الاقتصاد وتقضي على البطالة إحياء الاتفاق الصيني العراقي وتقديم مائة ألف برميل بترول للصين مقابل مشاريع البنية التحتية لعموم العراق وأسماه بصيغة (البترول مقابل التنمية). أما كتلة دولة القانون فتنادي بالولاية الثالثة للسيد نوري المالكي لتوقعها بأنها ستحصد ما يقرب المائة مقعد نيابي وأكثر كتل ما يسمى بالبيت الشيعي هدوءاً حملة تجمع قوى الدولة الوطنية باتحاد عمار الحكيم وحيدر العبادي وقد يحصد هذا التجمع في محافظات الوسطى والجنوبية برقم مقاعد لا يتجاوز العشرين نائباً حسب استطلاعات المحللين الإعلاميين.
وقد برز الدور الإيجابي للإعلام العراقي المقروء والمشاهد بتسليطه الضوء على مجريات الانتخابات والمساهمة في تنوير الناخب ببوصلة وطنية نحو المرشح النزيه الوطني الشجاع بإجراء ندوات انتخابية ومقابلات تلفزيونية مميزة.
وتميزت الانتخابات المبكرة الحالية بظهور تكتلات انتخابية محلية في المحافظات وبزعامة المحافظ وزملائه في المحافظة وتأتي كتلة تصميم بزعامة محافظ البصرة السيد أسعد العيداني ومن المؤمل تقدمها على باقي الكتل بنتائج محافظة البصرة وفي الناصرية برزت كتلة امتداد مدعومة من شباب تشرين وبرئاسة الدكتور علاء الركابي وشعارهم الانتخابي بإجراء التغيير وتحقيق أهداف حركة تشرين الشبابية.
ومن المؤشرات السلبية التي تواجه نزاهة وشفافية الانتخابات ظاهرة السلاح المنفلت في الشارع العراقي وعدم سيطرة الحكومة على المليشيات الولائية والتي يطلق عليها الإعلام العراقي باللادولة وأصبح الأمن الانتخابي شرطاً هاماً في تسيير إجراءات الانتخابات بشفافية وحرية مطلقة. والتحدي الآخر والمهم الناخب الفاسد الذي يسمح للقوى السياسية بشراء صوته الانتخابي بمزاد مالي رخيص وهذه الفئة مرفوضة اجتماعياً لفقدانها الضمير الوطني وتعمل بشراء ذممها الرخيصة بتركيز الفساد المالي في البرلمان القادم.التخوف بين المواطنين في المجتمع السياسي العراقي من عدم المشاركة العالية في الانتخابات وتأتي دعوة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني للمشاركة في الانتخابات دافعاً قوياً محفزاً للمشاركة الكثيفة واختيار النزيه الصادق الأمين من المرشحين في الانتخابات وأبدت المرجعية الدينية العليا بأنها لا تؤيد أو تدعم أي كتلة انتخابية بل تدعو الناخب بتقييم السير الذاتية للمرشحين وباختيار الأمين الأصلح منهم وبحرية وأمانة وطنية.
ومن الاجراءات الايجابية في مسيرة الانتخابات توقيع معظم رؤساء الكتل الانتخابية على مدونة السلوك الانتخابي والتي أعدها رئيس الجمهورية السيد برهم صالح والتزام الكتل السياسية ببنودها لتحقيق عملية انتخابية شفافة ونزيهة.
الجهود المتواصلة التي يبذلها الأستاذ مصطفى الكاظمي لانجاح سير العملية الانتخابية بموعدها والذي التزم بوعده في إجرائها بأمن ونزاهة وذلك بتأسيس هيئة أمنية خاصة من جميع القوى العسكرية الرسمية برئاسة الفريق أول عبدالأمير الشمري وبإشراف مباشر من رئيس الوزراء الكاظمي شخصياً لضمان تحقيق مسيرة انتخابية آمنة ووضعت خطة طوارئ في اليوم العاشر من أكتوبر بإغلاق المنافذ الجوية والبرية والبحرية للعراق ومنع الانتقال بين المحافظات وعدم السماح بدخول التلفون النقال لقاعات الانتخاب وانتشار أمني وعسكري واسع حول الدوائر الانتخابية في كل أنحاء المحافظات العراقية.
وتتميز الانتخابات الحالية بمراقبة دولية بمشاركة أكثر من مائتين مبعوث دولي في المراكز الانتخابية وتشرف السيدة فيولا كرامون رئيسة فريق الرصد الأوربي على مراقبي الاتحاد الأوربي، وقد دعت كل المشاركين في الانتخابات بنبذ تسييس المال الانتخابي وترك العنف من أجل التأثير على مجريات الانتخابات وساهم عدد كبير من المنظمات الإقليمية والدولية في الرقابة الانتخابية ومنها جامعة الدول العربية كما أعلنت ممثلة الأمم المتحدة بلاسخارت بأن الأمم المتحدة تسعى بجهد مراقبيها لتأمين انتخابات نزيهة شفافة وقد زارت عدداً من محافظات الجنوب لحث الناخبين بالمشاركة الانتخابية. ومع التشتيت الكبير لأصوات الناخبين نحو كتل متفرقة ومتصارعة وسينتج بسبب ذلك جدول لخارطة انتخابية متفرقة المقاعد، ولا يؤشر ببروز كتلة كبيرة وقد تصل أكبرها عدداً لخمسين مقعداً، وذلك لطبيعة التوزيع الانتخابي الجديد والذي تتميز به هذه الانتخابات لاعتمادها للمناطق الادارية دائرة انتخابية ويعطي هذا النموذج الانتخابي الجديد المساحة الواسعة للناخب لتقييم المنتخب المنتمي لمنطقته ويصبح الاختيار لشخصه وليس لكتلته وبذلك يتم اختيار الأصلح والنزيه المحب للوطن والمواطن، وقد تأتي هذه الانتخابات المميزة بكل صفاتها وأهميتها بمفاجأة كبيرة بفوز عدد كبير من المستقلين وبائتلافهم على شكل جبهة وطنية كبيرة داخل قبة البرلمان لتصبح المرتكز القوي في تشكيل الوزارة القادمة ولا ننسى الجهد الكبير الذي بذلته الحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي الكردستاني بإشراف السيد هوشيار زيباري وزير الخارجية الأسبق ومشاركة مرشحيه في محافظات جديدة بدءاً من كركوك وبغداد وواسط وكربلاء وصلاح الدين وديالى وقد يفجر قنبله انتخابية بحصد مقاعد متقدمة في هذه الانتخابات وهناك الكثير ممن يتخوف بعدم قبول الكتل الشيعية الكبرى بالنتائج التي ستظهر عكس توقعاتهم والتشكيك بتزوير الانتخابات وتحدث حركات غير منضبطة تعكر الأمن الداخلي وتنقل المشهد السياسي لمرحلة حرجة لا يعلم إلا الله سبحانه لنتائجها.. مع دعواتنا الصادقة أن تسير الانتخابات بسلام وأمان وبنتائج حقيقية تغير الوضع السياسي لخير شعب ومستقبل العراق الشقيق.