متعة الرحلة دائماً تكمن في التفاصيل، لكن هذه المرة ذروة سنام لذّتها من وجهة نظري، حين تحط رحالك في إبداع سَرْد الوصول!
المقدمة
من محافظة يحيط بها النخيل من جميع جهاتها الأربع، وجوه أهلها كـ نسائم الصّبَا، تحتار أيّ الأفواه أكثرها ابتساما، منذ لحظة الوصول وحتى المغادرة هي هي تلك الوجوه لم تتبدّل ولم ولن تتغيّر!
العرض
أن تبدأ ليلتك في الأحساء شِعْرا فهذا حُسْن على حَسَن، ولكني متعبٌ من رحلتي من البحر حتى ملامسة صدى الهمسات ما بين النخيل، وقعتُ في حيرة هل أملأ معدتي أكلا، وأنام قرير العين ، أم عقلي أدبا وثقافة في ناديها؟!
هل أن أطرد النوم من جفوني فقلتُ للسائق متسائلا وهو منتبه لي جدا هل أنخ مطاياي بين قوافي الخضير عبد الله والملا واليوسف سعود والمطيري هند، واستلهم وطني في قصائدهم وأسترْوح عطر الحروف بالسلام على الظافر من بني شهر؟
قال لي السائق الصديق أبو عبد الرحمن:
تريد مشورة؟
قلت له: بالطبع ولك الشكر
قال: لولا مشاغلي ومشاويري لاستمعتُ واستمتعتُ معك
هنا عزمتُ أمري وقررت التحليق في غمامة الجمال دلفت النادي وأنا خائف أترقب هل أحد خلفي ؟ بعدها تذكرت أني سُعْلي ومِنْ ورائي؟ جيش من السعالية!
استقبال حافل منذ أول عتبة للنادي من بولبة الفرح بالوطن ترحيب لذيذ « يا الله حيّه!»
شابات وشباب من وطني من كلية الإعلام من جامعة الملك فيصل على جانبي الطريق إلى الأمسية وكل واحد تشعر أنه من النادي -منهم/ن-
سجّاد أحمر هنا ضحكتُ بملء فيّ وقلت مسراً حديثاً إلى نفسي «والله لو عرفوا أني السعلي كان .....» المهم الحضور جميل حاولت التعرّف على أحد لكن الجميع باحترازات صحية، جلست واستمعت واندهشت لأن أسمعُ صوت وطني من أفواههم فلاً وكاداً ورياحين وفيه طعم الأحساء نخيلاً وارفاً وتمراً لذيذاً، وكان ولا يزال الأوبريت الضخم الفجر المضيء بمُخْرِج متألق صنع من قصيدة هند المطيري اثنتي عشرة لوحة مسرحية وبتنظيم وإشراف من أدبي الأحساء ورئيسه.
وكأنتا أمام نصين شعري ومسرحي، شعرتُ أن تراث الوطن تجسّد في النادي وإن كنت متمنياً أسمع وأرى رقصات الجنوب وتحديداً الباحة والقصيم ...
هناك الشمال والدحَّة وعسير والخطوة ... ويبدو أن الكاتب والمخرج حَكَمْهم ترامي الأطراف في مناطق مملكتنا وتعدد تراث كل منطقة ومحافظة
لحظة التنوير
ذهبٍ بي الدكتور ظافر الشهري على حين غرّة مني وبعض ضيوف النادي، إلى استراحة كل ما يحيط بها نور على نور، صوت خرير الماء، تشعر أن العصافير على أشجار النخيل تغرّد ومعنا وترقص، هنا يبدو أن الدكتور الشهري أراد اختباري في تراثنا الجنوبي قمت حالاً ومارست تراثي الجنوبي على أنغام الخطوة وباقي الضيوف، حتى الفن السوري والمصري لهم كل النصيب من تلك الليلة الحالمة، رافقت الدكتور ظافر في سيارته وسألته كيف تستطيع أن تجمع كل هذا النخب تحت سقف واحد، ما سِرْ وقوف الجميع معك أهل الأحساء ورجال أعمالها وكل مثقفيها؟ قال لي بصوتٍ هادئ، كله شجن: لأني أبحث عن ما يميّز أحسائي ورجالاتها المبدعين فإن قلبي وعقلي بالأحساء وكذلك أبنائي، بعدها عرفت أن نادياً كالأحساء حق له أن يفخر بظافرها الشهري
وقلت له: الله يعين نادياً يأتي بعد الأحساء فيصبح الرهان لهم مع الأحساء يبدو خاسراً وحاسماً مع احترامي الشديد لكل أنديتنا.
سطر وفاصلة
رفع رأسه التفت إلى أوراقه غاضباً، قرأها بمتعّن ضرب بكفه على راحته اليسرى، قطّع الأوراق على الطاولة،كأنها قطع من الشطرنج ومروحة الهواء في السقف في أشدّ درجاتها تدور تناثرت الأوراق على جثته.
** **
- علي الزهراني (السعلي)