«الجزيرة الثقافية» - محمد هليل الرويلي:
كنا قد ذكرنا «قبل أن يرحل طوافًا بُلدان العرب أسرها الأعرابي في نفسه! ثلاثة أعوام جلب فيها من نفائس حضارتهم, وهو ما ظل يطلعنا عليه طوال الرحلة.. وها قد قفل إلى البلاد، وكان أول أمره أن طاف بالبيت العتيق, ثم توجه إلى المدينة للسلام على رسول الله وصاحبيه, ووقف في البقيع. كأني بدواخل جنانه تنهض وراء خُطى ركائب حضارة جديدة نهضت من هذه الأرجاء, فعمّت الأرجاء وبلغت العالمين. ولا غرو وهو يعتلى الطريق الموصلة إلى الطائف مبتدرًا ناديهم «سوق عكاظ», جالسًا بين شعراء المعلقات مستمعًا لشعر الأعشى ولبيد وزهير, والخنساء مصغيًا إلى ملاحظات النابغة الدقيقة على أبيات حسان.
كأني به - قبل ذلك - على جبل «التوباد» يواسي «قيس» في ليلى:
وأجهشت للتوباد حين رأيته
وهَلّل للرحمن حين رآني
وحول «جبل الريان» يستشعرًا الحنين في قول جرير:
يا حبذا جبل الريان من جبل
وحبذا ساكن الريان من كانا
وكأني به أيضًا بـ «جبل «قاره», ومنحدرًا من «أجا», ائتدمه «الطائي» وروى له قصة «مصوت بالعشا» ابن مهيد, ليلتها احتبس الجليد مواقد النار فحال دون اشتعالها, لكن الأجداد سجلوا مواقفهم من التاريخ على أرض هذه البلاد من جزر فرسان إلى قلعة مارد.
وها هو - صاحبنا - الأعرابي يُقلب العصور المتعاقبة على هذه البلاد العظيمة والرجالات, ويتابع ما نقلته القنوات التلفزيونية والمواقع الإخبارية العالمية, مبهورة تنقل موائد خادم الحرمين الشريفين للحجيج, وضيوف الحرمين - رحم الله الباني المؤسس الملك عبدالعزيز والملوك من بعده- وحفظ الله, الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع, فأي المجد إلا ما كتبه الله لهذه البلاد في عهدهم الكريم الزاهر, وأي المجد إلا ما طالته الأرض والإنسان فيها, فكرًا وثقافة وحضارة, وعلى المستويات ومختلف الأصعدة كافة..»
وها هي الرحلة الثانية - لصاحبكم - تلوح أيضًا, مؤذنة بنهاية (ملف الأدب السعودي) الذي كنا قد بدأناه, في عدد يومي الجمعة/ 18 رجب 1441هـ الموافق 13 مارس 2020م, بعناوين اشتملت: (تطور الفكر في المملكة العربية السعودية / قسمات وملامح النقد الادبي في المملكة العربية السعودية/ عن الحركة الأدبية السعودية - عرض موجز / أدب الشباب في المملكة العربية السعودية / الشعر السعودي فيض ومرجعيات.. أصل للهوية الوطنية والعبثية واللا جدوى / معالجات الرواية السعودية: مقام للمكاشفات والضراعة ورهان على الفكر الحُر وتنوير صارع التخلف ونازع الهيمنة الذكورية / المرأة السعودية متن أزاح الهوامش وواصل بناء المشهد / الترجمة نافذة الإطلالة والإشراقة من وعلى الأدب السعودي / (المكتبات وأدب الأطفال) منهل شحيح تحول إلى نبع فجر طاقات إبداعية وأجيالًا من المثقفين / ....)
واليوم وقد وصلنا مسك الختام, نستعرض في زاوية (الدكتور أحمد الهلالي) الذي بدوره استجاب مشكورًا, ضمن سلسلة كتاب «ملف الأدب السعودي» موضوع هو الآخر رافد معين في مشهدنا السعودي «سوق عكاظ» فكتب تحت عنوان «سوق عكاظ أيقونة مضيئة!
الشكر موصول أيضًا للناقد والفنان التشكيلي الأستاذ «جلال الطالب» الذي استجاب بدوره للدعوة, وأسهم في الكتابة عن المشهد التشكيلي والفن البصري «التشكيل السعودي في أربعين عام» وبذلك نطوي هذه الصفحات ضمن السلسلة, مقدمين شكرنا الجزيل لكتاب الملف جميعًا, والقراء, والمهتمين الذين أولوا هذه السلسلة العناية والرعاية. سائلين الله تعالى للجميع المزيد من التقدم والازدهار والألق دومًا..