عادل علي جودة
أتأمل هذا اليوم «اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية» فأجد فلسطين الحبيبة تتربع في أركانه، وأنظر إلى أفراح هذا الشعب العربي الأصيل، فأجدني أُقبل نحوه برأس عالية مبارِكًا، وبهمة شامخة مشاركًا، ولا عجب؛
فأنا ابن هذه الأرض انتسابًا للعروبة والإسلام، وابن هذه الأرض انتسابًا لقبلتين شريفتين؛ المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد الأقصى في القدس الشريف، وابن هذه الأرض بإقامتي على ترابها وبين أهلها معززًا مكرمًا لما يزيد عن أربعة وأربعين عامًا من عمري، وابن هذه الأرض التي شهدت ولادة أبنائي الأربعة وقدمت لهم الرعاية والعناية والبيئة النافعة للنشأة الصالحة وفتحت لهم أبواب التعليم بكافة مراحله؛ من المرحلة الابتدائية إلى مرحلة الجامعة والدراسات العليا، وابن هذه الأرض بما يعمر إحساسي من فخر وعزة بالمواقف المشرِّفة لقيادتها وشعبها تجاه بلدي وقضيتي، وابن هذه الأرض وأنا أتحسس معاني عزها ومجدها ونشوة رجالاتها وشعبها بما تحقق لها من إنجازات تسر الخاطر وتبهج الروح، ثم وابن هذه الأرض وأنا أهتف من سويداء قلبي لهذا الشعب العربي الأصيل: ما أزهى يومكم! وما أجمل أفراحكم! وما أزكى عرضتكم!
أترون يا أحبة؛ ها هي القلوب الفلسطينية تنتفض من عمق أحزانها وآلامها، وها هي الأجساد تكتم نزيفها وتضمد جراحاتها مرتدية أبهى الأزياء على الإطلاق؛ الزي الفلسطيني، ولا تقلقوا، فقريباً -بإذن الله- سيأتي يوم النصر والتحرير ويصبح هذا الزي مألوفًا.
فهذا الرداء الطويل المفتوح من الأمام والضيّق أعلاه، والمتسع أسفله، والمشقوق من جانبيه، نسميه «قنباز»، ويُلبس بحيث يغطي جانبه الأيسر جزءاً من جانبه الأيمن، ثم يُقفل من الأعلى بزرّ أسفل الرقبة، وفي منطقة الخصر تشبك العروة الموجودة في مقدمة منتصف الجانب الأيمن بزر داخلي في الجانب الأيسر، ثم يُربط الرباطان؛ الأول المشبوك في مقدمة منتصف الطرف الأيسر والآخر المشبوك في منتصف الجانب الأيمن، أما من الأسفل فيبقى «القنباز» مفتوحاً، فإذا ما حان موعد معانقة دبكتنا لعرضتكم، وتسهيلاً لحركة القدمين أثناء الدبكة، يُعمد إلى رفع طرفي القنباز من الأسفل إلى الأعلى ووضعهما تحت «اللاوندي» وهو الحزام الجلدي العريض الذي يزيِّن منطقة الخصر فوق «القنباز»، ويعلوه «الدامر» وهو هذه الجبة القصيرة بكمّيها الطويلين، وأما القماش الأبيض الذي ترونه يكسو الساقين تحت «القنباز» فنطلق عليه «السروال»؛ وهو طويل يلامس أعلى الحذاء، يضيق على الساق، ثم يتسع كثيراً إلى الأعلى حتى منطقة الخصر، حيث يُزم بدكة تربط بعناية فائقة.
وبالطبع سيكون للأهازيج الفلسطينية وجود قوي في مناسبتكم؛ أقصد مناسبتنا المجيدة هذه؛ سنسمعكم، على أنغام «الشبابة» و«اليرغول»، ومع هزات أكتافنا وضربات أقدامنا، الكثير من أهازيجنا التراثية الفلسطينية وهي في معظمها ثورية منها «الميجنا»، و«الدلعونا»، و«غرد يا طير الحسون»، إلى جانب ههاوي خنساوات فلسطين وزغاريدهن.
ثم بيد الحب والعرفان نمرّ بكم مصافحين مهنئين، نبدأ بصغيركم وصولًا إلى مقام كبيركم؛ إلى سيد الحزم والعزم وباني الأمن والأمان، عضيد فلسطين، ونصير قضيتها، وداعم صمود أهلها، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإلى ولي عهده الشاب الفذ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، فنهمس إليهما بأعظم التهاني مقرونة بأجمل الأماني بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا جميعاً، ثم نسجِّل بين أيديهما عظيم التقدير والامتنان لما قدَّمته المملكة العربية السعودية منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز -طيَّب الله ثراه- وما زالت تقدِّمه بقيادة أبنائه البررة حتى يومنا هذا لفلسطين، ولقضيتها العادلة، ولشعبها الصابر المجاهد، من دعم وتأييد ومناصرة.
حفظ الله السعودية، وأدام أمنها وعزها، وبارك في خيراتها، وخذل أعداءها ورد كيدهم في نحورهم.
مبارك لكم ولنا عرس الوطن الحادي والتسعين، والعقبى لفلسطيننا الغالية.