د. خيرية السقاف
أحسب أن رسالة الكاتب لا تنحصر في شأن يخرج, أو يبعد عن بث القيم,
ومنح الهمم, ورسم الأحلام, وتحريض المُثل لتسري في نفوس القارئين, وتمد شغفهم بيقينية جمالها, ومتانة جذورها, وجمال مسارها, وصدق بوصلتها, وسلامة نجعها..
ذو القلم, ليس لنفسه مطلقاً يبث همومها, ويذهب إلى رغباتها, ويعوم في بحر ذاته, إلا بقدرٍ, وحتى هذا القدر هو ضمني للآخر..
فالكتابة بأجناسها رسالة..
فكما تتبارى الأقلام في التباهي بمخزون الذاكرة, وباستعراض ألوان علب النفس, ونقاط وصول التماهي مع رفة جناح, ودفقة نبع, وزقزقة عصفور, وقاع فنجال, و... و...
بكل منتج صناعة المخيلة, وبأبجديات لغات التعبير,
بل بمخزون عقول بثَّت عقولاً بما طرحت ومضت, فإنها مسؤولة -أدبياً - عن هذا المتلقي الذي يتلقى,
الذي يفكر, الذي يأخذ, الذي يتبع, الذي تفرغ زوادته من المعرفة,
الذي لم تتوطد فيه قيم عديدة تحتاجها الحياة التي يعيش,
والناس الذين يشاطر, والمجتمع الذي يشارك, والوطن الذي يكنف..
مسؤول عن الحرية وكيف هي مسؤولية..
وعن المبادئ وكيف هي قِوامات,
وعن القيم وكيف هي دعامات..
عن السلام وكيف هو أخلاق,
عن النظافة وكيف هي سلوك,
عن الحق وكيف هو صدق,
عن الخير وكيف هو عطاء,
عن الحب وكيف هو إيثار,
عن الخطأ وكيف هو عثرة..
لتكون مفاتيح لنفوس تقرأه، ولقلوب تألفه,
ولمجتمع تعوِّل عليه ديمومة الحياة بسلام, وفي سِلم,
لديمومة جمالها ونمائها, هدوئها وأمنها,
بل عمارها, وامتدادها.
فصاحب القلم هو النافذة المشرعة لمجتمع تحيا فيه الحياة بمقوماتها..
مهما اتخذ الكتابة وسيلة للذات,
وخلت منها المسؤولية عن بقية الذوات
فهي ليست للترف!..