عبده الأسمري
بين.. «تنقيب» الآثار «ومناقب» الأُثر..استلهم من «التاريخ» ضرورة «التأصيل» وتعلم من «الجغرافيا حتمية «التحليل» فمضى رافعاً «راية» العلم للوصول إلى «غاية» المعالم..
من بين «صخور» الطبيعة.. وثغور «البديهة» أغدقت نفسه بأسئلة «النباغة» في حضرة «الكون» وأجابت ذاته بأجوبة «البلاغة» في حضور «التمكين» بهيمنة «البحث» وسلطنة «النتائج».. متخذاً من «التضاريس» مكاناً قصياً نصب فيه «خيمة» أفكاره وأقام فيه «أعمدة» دراساته.. ليهدي للوطن «فصولاً» من الاكتشاف ويؤسس للمآثر «أصولاً» من الحقائق.
إنه عالم الآثار وعضو مجلس الشورى الأسبق البروفيسور عبدالرحمن الأنصاري أحد أبرز العلماء والأكاديميين والباحثين في الوطن.
بوجه دائري يحفه «الوقار» وتقاسيم مدينية أصيلة يشع منها «الوفاء» وينبع وسطها «الصفاء» وملامح مألوفة تشبه والده وتتقاطع مع أخواله وعينان تنبعان بالحنكة وأناقة تتوشح الزي الوطني الأصيل تتكامل على شخصية ودودة قوامها «التواضع» وقيمتها «حسن الخلق» وصوت مسجوع بلغة علمية تتوارد منها عبارات «الفكر» واعتبارات «التفكير» ولهجة بيضاء في المجالس المفتوحة والمواقع العامة تسمو فيها «نبرة» الذوق ولغة عصماء في القاعات الجامعية والمنصات العلمية تعلو وسطها «حظوة» الرقي تستند على «مخزون» علمي وتعتمد على «كنز» معرفي وحضور طاغ في انفراد «التخصص» وأبعاد «الاختصاص».. وتواجد زاهٍ في معنى «الخبرة» ومغنم «الدراية» قضى الأنصاري من عمره عقوداً وهو ينتصر للبحوث وينحاز للمعارف ويؤصل للمعاني واضعاً «التوثيق» همة أولى و«الوثائق» مهمة مثلى و«الوقائع» دروس مستفادة تعتمد على «البحث» وتتعامد على «الحقيقة»..
في المدينة المنورة أرض «الخيرات» وأصل «المسرات» ولد عام 1935 في يوم فاخر بالسرور وزاخر بالفرح بعد أن عمت «البهجة» أرجاء العائلة الشهيرة بالنبلاء المتوجه بالفضلاء وانطلقت «أهازيج» البشرى بقدوم ميمون أكمل عقد «الابتهاج» في مرابع الأنصار..
تربى الأنصاري وسط بيئة «حاضنة» للفضل وجاذبة للنبل، حيث تفتحت عيناه على «أب مفكر» و«أم مدبرة» أسبغا عليه بنعم «المعروف» ونعائم المعارف فقضى نهاراته الأولى في «حجر» أبيه وهو يقرأ «أمهات» المجلدات في اللغة والأدب والثقافة والعلوم فتعقت نفسه صغيراً بأنفاس «القراءة» وتشربت روحه نفائس « الاستقراء فظل يساعد والده صغيراً في ترتيب «الكتب» ويقتبس منه منافع «التعلم».
ركض الأنصاري طفلاً بين أحياء طيبة الطيبة متوشحاً رداءً فضفاض من «الأمنيات» باحثاً عن أسئلة طفولية باكرة اعتمرت وجدانه كان يفضي بها إلى «أسماع» والديه حول «غزوات» بدر وأحد وعن «بقايا» الخندق وتفاصيل قصة سيد الشهداء» وبشأن «قبر» الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه مراقباً «فلول» زوار المسجد النبوي وهم يؤدون «الشعائر» مرتقباً «جموع «طلاب العلم الشرعي وهم ينالون «البشائر مخطوفاً إلى تربية دينية علمته «ماهية» التفوق سراً وعلانية فظل يلقي على أسرته كل مساء «بروفات» التمكن في الأداء اللغوي والتمكين في النبوغ الطفولي فذاع صيته بين «عشيرته» الأقربين حتى بات «نبوءة» عائلية تتناقلها مجالس «القوم» وتؤكدها جلسات «الأسرة».
درس الأنصاري في مدارس المدينة المنورة التعليم العام ولأنه شغوف بالتعلم سافر إلى «مصر» حيث حصل على شهادة الليسانس في اللغة العربية والأدب من جامعة القاهرة عام 1960 ثم ابتعث إلى بريطانيا وحصل منها على شهادة دكتوراه الفلسفة من قسم الدراسات السامية بجامعة ليدز عام 1966. وتدرب خلالها على أعمال التنقيب الأثري كما قام بأعمال التنقيب في القدس عام 1966 مع البروفيسورة كاثلين كينيون.
التحق الأنصاري بجامعة الملك سعود عضواً في هيئة التدريس منذ العام 1966 وحتى العام 1999 تدرج فيها بين عدة مهام ومناصب حيث عمل عميداً لكلية الآداب في الفترة من 1971 وحتى 1972 وفي الفترة من 1988 وحتى 1994، ورئيساً لقسم التاريخ من 1974 وحتى 1978 ورئيساً لقسم الآثار والمتاحف من 1978 وحتى 1986.
واختير في عام 1996، عضواً في مجلس الشورى السعودي منذ دورته الأولى، واستمر في الدورة الثانية.
أسس البروفيسور الأنصاري علم الآثار بجامعة الملك سعود حيث أدخله ضمن قسم التاريخ ثم أسس قسم الآثار والمتاحف بالجامعة ذاتها في العام 1978، وهو القسم الأكاديمي الأول من نوعه في السعودية.
قاد الأنصاري فرق أعمال التنقيب الأثري في قرية الفاو التي تقع جنوب الجزيرة العربية منذ العام 1972م وحتى العام 1995م.
ومنذ عام 1420هـ (2000م) يرأس أ.د. عبد الرحمن الأنصاري هيئة تحرير مجلة أدوماتو المتخصصة في مجال الدراسات والبحوث الآثارية.
شارك الأنصاري في عشرات المشاركات الدولية واختير كعضو في الهيئة الدولية لكتابة تاريخ الإنسانية التابع لمنظمة اليونسكو وعمل في تنقيبات آثارية في فلسطين وإيطاليا وله العديد من المؤلفات وأوراق العمل والبحوث المتخصصة..حصل الأنصاري على العديد من الأوسمة والجوائز ومنها وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى وجائزة مؤسسة التقدم العلمي الكويتية ووشاح الثقافة والفنون وميدالية 22 مايو من اليمن وجائزة الملك سلمان للريادة في تاريخ الجزيرة العربية ودرعي شوامخ المؤرخين العرب والاثاريين العرب من القاهرة ووسام الملك خالد من الدرجة الأولى.
البروفيسور عبدالرحمن الأنصاري..عالم الآثار وأصيل الأثر
في «إضاءات» الوطنية و«إمضاءات» المهنية..