م. بدر بن ناصر الحمدان
بالرغم من أن العديد من كتب الإدارة والتنمية البشرية تناولت موضوعات التغلب على ضغوطات العمل إلا أنها برأيي تبقى حلولاً مؤقتة ولا يمكن أن تستمر، كونها مرتبطة بمتغير معين، ومتزامنة مع حالة راهنة قابلة للتحوّل، ومن ثمّ العودة إلى المربع الأول في أي وقت.
في اعتقادي أن كل النصائح التي توجّه للموظفين في بيئة العمل من قبل روّاد التطوير والتغيير، واستخدامهم لمفردات التحفيز مثل (كُن إيجابياً، عليك أن تتحلى بالصبر، ليكن لديك الطموح والشغف، لا تستسلم، قاتل حتى النهاية، تخلص من أفكارك السلبية، وغيرها ...) لن تكون مجدية، ولن تصمد طويلاً، وستبقى مجرد «وهم»، إذا لم تقترن بشكل مباشر وأصيل مع إيمان الإنسان بأن ذلك كله ينطوي تحت مبدأ «الأمانة الوظيفية» أمام الله سبحانه وتعالى.
كيف يكون الإخلاص في العمل، وهل هو من الأمانة المذكورة في القرآن؟، هذا السؤال أجاب عليه كبار العلماء في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بما نصه: «أن الإخلاص في العمل الوظيفي أو المستأجر عليه هو: أداؤه على الوجه المطلوب والمتفق عليه في العقد أو النظام الوظيفي، وهو من الأمانة التي يجب أداؤها، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا).
أي بيئة عمل -مهما كان مستوى احترافيتها- عادة ما تكون مليئة بالضغوطات والتوتر والقلق وهذا جزء من طبيعة الأماكن التي يصنعها البشر، لذا مهما كانت قدراتك في تجاوز تحدياتها ستظل بحاجة إلى تغذية معنوية داخلية، ووازع إنساني روحي ثابت للمضي قدماً، وهذا لن يتحقق إلا بالتقرب إلى الله من خلال هذا العمل الذي تتقاضى عليه الأجر، والأمانة التي سوف تسأل عنها، بغض النظر عن كل المعاناة التي تمر بها.
الحل المُذهل لتجاوز ضغوطات العمل يكمن في أن تحتسب كل ما تواجهه في عملك من باب مرضاة الله، والقيام بالواجب، وتأدية الأمانة، والسعي في طلب الرزق، حينها سيتكفل الله بكل شيء.