د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
حققت السعودية إنجازاً عالمياً بحصولها على المرتبة الثانية من بين 193 دولة، والمركز الأول على مستوى الوطن العربي والشرق الأوسط وقارة آسيا في المؤشر العالمي للأمن السيبراني الذي تصدره وكالة الأمم المتحدة المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (الاتحاد الدولي للاتصالات)، حيث تصدرت الولايات المتحدة القائمة برصيد 100 درجة، بينما جاءت السعودية مع المملكة المتحدة في المركز الثاني بـ99.54 لكل منهما، بعدما قفزت السعودية 11 مركزا عن عام 2018، وبأكثر من 40 مرتبة منذ انطلاق رؤية المملكة حيث كان ترتيبها 46 عالميا في نسخة 2017.
تبنت السعودية خلال مرحلة التحول الرقمي مجموعة من التشريعات وتطبيق معايير دولية، وركزت على سعودة هذا القطاع ليصبح معيارا وطنيا يتم الأخذ به في المؤسسات المختلفة، بجانب امتلاك مجموعة من البرامج ومبادرات التدريب على موضوعات مختلفة في الأمن السيبراني، ما يسمى بأمن الفضاء الإلكتروني عبر شبكات الكمبيوتر وهو شبيه بالقراصنة التي كانت تتربص بالسفن والقوافل، حيث وصلت خسائر الجرائم الإلكترونية ما يفوق تريليون دولار سنويا بحسب تقرير التكاليف الخفية للجرائم الإلكترونية الصادر عن شركة الأمن وبرامج الفيروسات مكافي، وبحسب مجلة سايبر سيكورتي قد تتجاوز الخسائر في عام 2025 عشرة تريليونات دولار، حيث يبلغ حجم سوق الأمن السيبراني وفقا لموقع ستانيستا الألماني نحو 218 مليار دولار خلال عام 2021، لذلك اتجهت السعودية نحو تأسيس الهيئة الوطنية للأمن السيبراني.
مع تزايد حجم البيانات وتنوع طرق تخزينها ومعالجتها تحتاج إلى سيطرة وحماية، فوفقا لمجلة سايبر سيكوريتي أن حجم البيانات المخزنة سيصل حجم البيانات المخزنة في 2025 إلى 200 زيتابايت أي 200 مليار حاسب شخصي، وسيكون هناك ستة مليارات شخص متصل بالإنترنت، تضاعفت أموال الضحايا نحو 3.3 أضعاف ما كانت عليه في 2019.
تتجه السعودية نحو تعزيز الاستقلالية الاستراتيجية العسكرية وتطوير قدرات السعودية الصناعية العسكرية الوطنية، والسعي نحو توطين هذا القطاع من الإنفاق بما يزيد على 50 في المائة من الإنفاق على المعدات العسكرية بحلول 2030 في خطوة ليصبح القطاع رافدا مهما للاقتصاد السعودي من خلال نقل التقنية وتعزيز الابتكارات المحلية.
من أجل تحقيق الأمن السيبراني اتجهت السعودية نحو الاستحواذ على شركة الإلكترونيات المتقدمة AEC، التي لها خبرة على مدى 32 عاما في سوق الصناعات العسكرية، وكذلك الدور الذي تؤديه في مجال الدفاع وتطوير أنظمة الأمن المحلية، فهي لها صلة مباشرة بالأمن السيبراني، وفي نفس الوقت تعزز قطاع الإلكترونيات الدفاعية لديها، لتصبح بذلك شركة سعودية بنسبة مائة في المائة، في صفقة تعد الكبرى من نوعها على مستوى القطاع الخاص في مجال الصناعات العسكرية لضمان سرية المعلومات من أي اختراق عبر جواسيس يتم زرعهم في مثل تلك الشركات الحساسة، لضمان سرية مخرجات المنتجات والتقنيات المبتكرة للشركتين من خلال الخبرة والجهود الجماعية، وتصب أيضا في تنمية المهارات بل تتجه السعودية العمل على تصدير منتجاتها.
هذا الاستحواذ يدعم خطط نقل الصناعات العسكرية وتوطينها مما يعزز فرص نمو شركة الإلكترونيات المتقدمة للتوسع والمنافسة في مجالها، وهي ناتجة عن جهود صندوق الاستثمارات العامة، عبر شركة الصناعات العسكرية، في توطين أحدث التقنيات والمعرفة فضلا عن بناء شراكات اقتصادية استراتيجية، حيث تعد شركة الإلكترونيات المتقدمة جوهرة الصناعات العسكرية في السعودية من أنه يجب حمايتها من أي اختراق سيبراني، لأنها ستسهم في إحداث تحول جذري في قطاع الدفاع في السعودية، وذلك من خلال تعزيز الكفاءات الصناعية وتسريع الابتكار، وإطلاق قطاعات جديدة، وتوطين التقنيات والمعرفة، وبناء شراكات اقتصادية استراتيجية أوسع تمتلك ميزات تنافسية، وبشكل خاص في الأنظمة الجوية، والأنظمة الأرضية، والأسلحة والصواريخ، والإلكترونيات الدفاعية، والتقنيات الحديثة.
لذلك حرصت السعودية على أولوية صناعة الطائرات بدون طيار من الفئة 3 مع تعزيز توطين صناعة الزوارق الاعتراضية السريعة من نوع HIS-32، كما أنه توافق مع بناء قدرات جديدة فيما يخص صناعة الذخائر الموجهة جو - أرض المتوائمة مع طائرات التايفون، إضافة إلى إنتاج عربة الدهناء المدرعة لمهمة الاستطلاع والمراقبة والإسناد سعودية بالكامل، بجانب البدء ببناء قدرات لصناعة أجهزة الراديو المعرفة برمجيا.
وعلى هامش المعرض الدفاعي الدولي أيدكس 2021 في أبوظبي تم توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية مع شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، تحصل الشركة السعودية بموجب الاتفاق على 51 في المائة من أسهم المشروع الجديد، مقابل 49 في المائة للشركة الأمريكية، من أجل تطوير قدرات التوطين من خلال نقل التقنية والمعرفة، وتدريب الكوادر السعودية على تصنيع المنتجات، وتقديم الخدمات لصالح القوات السعودية، بهدف تطوير قدرات السعودية في مجالات تقنيات التصنيع وتقنيات البرمجيات وتكامل الأنظمة، وكذلك في إنتاج وصيانة وإصلاح الطائرات العمودية وذات الأجنحة الثابتة، وأنظمة الدفاع الصاروخية، والأنظمة على متن السفن.
** **
- أستاذ بجامعة أم القرى بمكة