إيمان الدبيّان
كتبت عن التسوّل مِراراً، وألمحت له تكراراً، وبحمد الله صَدّر مجلس الوزراء قبل يومين حوله قراراً، فصار نظام مكافحة التسوّل واضحاً بمفهومه وقانونه بأن مَن يستجدي للحصول على مال غيره دون مقابل، أو بمقابل غير مقصود بذاته نقداً، أو عيناً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في الأماكن العامة، أو المحال الخاصة، أو في وسائل التقنية والتواصل الحديثة، أو بأي وسيلة كانت يعرِّض نفسه لقوانين نظام مكافحة التسوّل التي أقرها مجلس الوزراء، وأعلن عنها وعن تاريخ تطبيقها.
نظام مكافحة التسوّل فيه من المواد والفقرات المعلنة الكثير ومنها الفقرة الخامسة في المادة الرابعة التي تنص على: (نشر الوعي بمخاطر التسوّل النفسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية)، ذلك الوعي الذي يعتمد علينا نحن كتَّاب الرأي، والصحفيين، والإعلاميين بشكل عام، وقد كتبت عن التسوّل هنا في أكثر من مقال منها: (مقال بعض السيدات،8-2-2021) و(مقال التشوّه البصري في مكة، 13-9-2021)، مشيرة إلى خطورة هذا الأمر في أكثر من جانب ظاهر أو مخفي.
مجتمعنا السعودي مجتمع متكافل يغلب على الكثيرين منا العاطفة الطاغية مع هذه الفئة التي باتت منتشرة مؤخراً أمام الإشارات المرورية، وفي الأماكن التجارية، وفي مواقع التواصل الاجتماعية، فنرى المرأة التي لا نعلم لها هوية، والأطفال الذين غابت عنهم كل احتياجات الطفولة الأساسية، وتصلنا ونشاهد رسائل مزعجة ومشبوهة مختلفة تستجدي بحسابات ومعرفات أغلبها وهمية، وللأسف يتجاوب البعض مانحاً، وبكرمه مع هؤلاء باذخاً، ناسياً ومتجاهلاً أن بعضهم يأخذ الأموال والإعانات ليكون عاطلاً، ولمجتمعنا كذباً مدعياً انتماؤه ولاسمه ناحلاً، وبعضهم يأخذ ما يستجديه ويتسوّله ليكون مصدراً لإرهاب ضدنا، أو فعل جرائم وحروب متنوِّعة بحقنا، وقد يكون معظمهم بهذه التجارة البشرية مقترفاً جرائم أخلاقية وإنسانية وأدبية لا تجيزها كل الشرائع السماوية.
تعددت أسباب التسوّل والأثر واحد وهو: فساد المجتمع أمنياً، واقتصادياً، وحضارياً، وعملياً، وُضعت القوانين وبقي دور المواطنين الذين يقع عليهم واجب فعَّال في القضاء على هذا التسوّل في كل الأحوال، من يحتاج المساعدة مواطناً أو مقيماً سيجدها في مؤسساتها ومنصاتها المعروفة والموجودة، بعيداً عن التسوّل بالطرق المشبوهة والمرفوضة، محاربتهم بعدم منحهم أمانة وطنية، وقضية اجتماعية آثارها السلبية حتماً لن تكون فردية.
اللَّهم اغنِ كل محتاج بحلالك عن حرامك، وبكرمك وعظيم إحسانك، وارزق كل متعفف من واسع رزقك وجميل فضلك.