كانت تلك العبارة تطلق بشكل كبير في وسائل الاعلام الغربية ابان العهد الشيوعي وضد الاتحاد السوفيتي السابق، خاصة ومن يدور في فلكه من دول أوروبا الشرقية، من أجل اشعال الثورات واغراء شعوب تلك الدول بمفهوم العالم الحر الذي يوصف في أنه يعيش في بحبوحة وحرية مطلقة عبر دعاية إعلامية ضخمة متنوعة الوسائل، ولكن مع سقوط الاتحاد السوفيتي وتفككه وفشل المنظومة الشيوعية، راحت تلك العبارة تخبو مع الوقت، إلا أنها لم تختف من المشهد الإعلامي الصحفي والثقافي والسياسي بذات الذي يشعل تلك العبارة من أجل تحقيق مصالح انتخابية أو تغطية لمصالح اقتصادية وبسط نفوذ خارجي، وهذا ما يحصل الآن في وقتنا الحاضر في مفهوم (إسلام فوبيا) الذي لا يقتصر على بث الرعب بل يتعداه إلى النيل من الإسلام وتشويه صورته وعدم ملاءمته للعصر.
نجد كلمة العالم الحر وقيمه هي عبارة جذابة في معناها، ولكن الحقيقة تبقى في الواقع ومدى تمتع الشعوب بتلك القيم بدون استثناء أو تحيز أو عنصرية وعدوانية والتي هي عنوان بعض الدول الغربية التي تدعي انها تمتلك تلك القيم والتي تخضع أحيانا لتفسيرات مختلفة وبحسب التوجه، ولقد كانت الديمقراطية احد هذه القيم التي استعملت في البداية في استعمار بغيض في سحق بعض الشعوب بشكل مرعب في أنحاء الأرض ونهب خيراته على نحو فظيع، ولازال هذا الطرح حاضراً حتى بعد انتهاء الاستعمار، ولكنه يأتي الآن منصب تركيزه على الجانب الاقتصادي الذي يخدم شركات ومؤسسات عملاقة يكون أصحابها ذوي نفوذ وسيطرة تحكم في سياسة بعض الدول الغربية، وسوف أستعرض هنا بعض الاعترافات على قيمة الديمقراطية من المفهوم الأمريكي، يقول الخبير الاقتصادي الأمريكي جون بيركنز في كتابه (الاغتيال الاقتصادي للأمم) إن إعلان الرئيس ودرو ويلسون (إن العالم يجب أن يجعل أمنا من أجل الديمقراطية) قدم على اعتبار انه العقيدة المحركة وراء سياسة أمريكا الخارجية لمعظم القرن الماضي، ويتضح بان هذا كلام مضلل، فعندما تتحدث أمريكا عن نشر الديمقراطية فإن ما تعنيه حقا هو نشر ما يروق لها من الديمقراطية الليبرالية، ويوحي هذا أنها مهتمة بالعنصر الليبرالي فقط الذي يركز على الجانب الاقتصادي في الليبرالية، لذلك تشجع المواقف الليبرالية من حقوق الإنسان فقط الذي تتماشى فيه مع تنمية اقتصاد السوق، ويضيف كذلك في ان أمريكا تركز على حماية المصالح الاقتصادية الخاصة تحت قناع الحرص على الديمقراطية ويورد في ان الدبلوماسي الأمريكي الذي لمع في آسيا في بدايات القرن العشرين وهو ويليرد ستريت كان أقرب إلى الحقيقة عندما لاحظ ان الأمريكيين (يصنعون السياسة من المال).
هذا هو الجانب الخفي من قيمة الديمقراطية التي تسوق لدى الكثير من الدول النامية والتي تستغل، وهي لا تدري من أجل نهب خيراتها ومقدراتها.