ليس في عالم اليوم من يقلل من قيمة وأهميِّة الخطب المنبرية وخاصَّة خطب العلوم الدِّينية خطب الجمعة الأسبوعية لمالها من أهمِّيَّة في حياة الأمَّة الإسلاميَّة، ولا أحد يستصغر أهدافها وغاياتها أولا يعترف بمكانتها على الأخذ والعطاء، فهي منبر رجال العلم والفكر والأدب الَّذين لا يَّدخرون وسعاً ولا جهداً في توجيه وتوعية المجتمع وتجنيبه مهاوي التّطرف وعقبات الجمود فإنها تعطي دروساً تربوية مستمدة من أدب الدّعوة في ظلّ كتاب الله وسنَّه نبيه اللَّذين يمدان هذا الأدب بأعظم القيم الروحية والفضائل الاجتماعيَّة والمثلُ الإنسانيَّة العلميَّة مُنْذُ أن صَدَعَ محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه بدعوته، وسيبقيان كذلك - بإذن الله - إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها - لو استعرضنا المسائل التي تحتويه الخطبة لوجدنا أحداثها دروساً وعبراً تنير العقول والوجدان. فالخطبة رسالة سامية ورسالة جليلة جديرة.. بالعناية والاهتمام حيث إنها تحقق المصلحة العامَّة والخاصَّة وذلك في حقل الدعوة الإسلاميَّة ومبادئها السمحة وشريعتها الغراء التي لا تصدر إلاَّ عن مشاعر إسلاميَّة راقية - فقد شد انتباهي خطيب ذلك الجمعة الماضية بمسجد حيِّ الفيصلية الشرقي بمحافظة الدِّرعيَّة بعنوان (العام الدِّراسيِّ الجديد).
فقد أعطى نبذة قصيرة عن العام الدِّراسيِّ الجديد وأثنى على جهود القائمين على قطاع التعليم في بلادنا وعلى المعلِّمين والمعلِّمات على ما يقومون به من عمل دؤوب متواصل داخل المنشآت التعَّليميَّة وحث الطّلاب والطّالبات على الجد والاجتهاد وعلى الانضباط داخل المنشأة وعلى الالتزام بالكمامات والتّباعد الجسدي والتعقيم والمحافظة على النّظافة العامَّة -وفقه الله- كان يمتاز بحسن الصَّوت وحسن الأداء لما له من أثر كبير على المصلين والمستمعين معاً إلى جانب أسلوبه في الطّرح القوي والمؤثِّر في كثير من القضايا الاجتماعيَّة المهمَّة التي يتناولها خلال العام الواحد والتي تساير مسائل العصر بالذات وتتركز على أمور عدَّة في بناء أفراد الأمَّة، ولها دور رائد وبارز وفعّال في توعية المجتمع، فالخطيب الذي يملك ثقافة واسعة وعميقة تدفعه إلى أن يعبِّر بطريقة تبرز العبارات السلسة والأفكار الجميلة والمعاني الهادفة بصورة مشوقة.
وحيث إنه يحرص كل الحرص على إيجاد المواضيع التي تجمع بين عمق الفكرة وسموِّ العبارة وجمال البيان إلى جانب أنها تلامس حياة أفراد الأمَّة من كافَّة الجوانب الدِّينية والاجتماعيَّة والأسرية والسّلوكية والأخلاقية والصِّحيِّة والأمراض والأوبئة وعلى رأسها الجائحة العالمية التي تعاني منها كافَّة شعوب الأرض قاطبة، فالأسلوب الأمثل والرّفيع الَّذي يتصف به يحاكى كافَّة طبقات المجتمع الخواص والعوام فإنها من صفات الخطيب الَّذي يتحلَّى بالإفصاح والليِّن واللَّطف والكلمة الطيبة التي تحمل بين طياتها وجنباتها العواطف الجياشة التي ترق له القلوب وترتاح لها النّفوس وكان يهدف من خطبته انتشال النَّاس من أجواء الدُّنيَا ومفاتنها إلى خيري الدُّنيَا والآخرة.
فإن النفوس الخيرة محكومة بسجيتها نحو القيم والمبادئ السَّامية، والنّفوس الشريرة محكومة بسجيتها نحو القيم والمبادئ الهدامة فالألفاظ رقيقة المعاني والأهداف توحي للمتلقي بالوضوح والبساطة التي لا تكل وتدور فيها الأبصار فتصل فالخطيب بشكل عام نور المجتمع وشعاع الفكر وضياء المعرفة.
والله الموفق والمعين...