كل يوم يمرُ يزدادُ شعوري بالتقصير إزاء القدس وفلسطين وشعبها، إزاء الشهداء والجرحى، إزاء معاناة الأسرى الأشاوس والأبطال الذين حولوا ظلام السجن إلى رياح ثورة وتغيير، ستثور أمة بأسرها في وجه الغاصب المحتل لفلسطين وستعصف به وبأركانه.
إن عذابات الأسرى وآلام الفقد واليتم، وعذابات المنفى والتهجير، التي أحدثها ويحدثها استمرار كيان الغطرسة الصهيونية وعنصريته وفاشيته البشعة، ستواصل فعلها، ما لم تواجه بمبدأ العين بالعين.. والبادئ أظلم.
نعم إني أشعر بالتقصير، وأعتقد أن مثلي الملايين من شعبنا وأمتنا، ومن أحرار العالم يشعرون نفس الشعور، إزاء هذه القضية وإزاء العذابات والآلام الناتجة عنها، جراء الجرائم المقترفةِ في حق الإنسانية، في القدس وفلسطين عامة، من اعتداءات همجية ووحشية ويومية، تطال الشجر والبشر والحجر، ولا تفرق بين صغير أو كبير، ولا تجد من يوقفها ويردعها..!
فلا تكفي القصائد والمقالات المسطرة، والمقابلات والمحاضرات المرئية والمسموعة عنها وإن كانت مهمة، فلا ترتقي لمستوى هذه الجرائم وهذا العدوان المتواصل دون توقف، ولا تلامس عذابات الفقد والأسر واليتم الناتجة عنها، وعذابات المنفى وهدم البيوت والتطهير العرقي والاعتقال والقتل والحصار، في ظل استمرار كيان الاغتصاب بانتهاجها كسياسة واستراتيجية ونهج متواصل، لحرمان الشعب الفلسطيني من أبسط حقوقه الإنسانية والسياسية والقانونية، في العيش بشرف وكرامة في وطنه فلسطين..!
إن استمرار هذا الحال وهذه الجرائم دون رادع أو حساب، يؤدي حتما إلى تعاظمها واستمرارها وتفاقمها يوما بعد يوم، والجراح النازفة والعذابات المستمرة لشعب فلسطين، التي لا تجد من يسعفها ويوقفها، سوف تتعمق أكثر وأكثر، إذا لم نراجع جميعنا افرادا وأحزابا وفصائل، أداءنا وسياساتنا ومواقفنا وتحالفاتنا، وكذلك أشقاؤنا وأصدقاؤنا على السواء..
إن الشعور بالتقصير إزاء كل ذلك لا يكفي، بل يفرض علينا ويجب أن يحفزنا إلى الارتقاء في الأداء والعمل والكفاح إلى المستوى الذي تفرضه وتحتمه كل هذه الجرائم المرتكبة والآلام والعذابات الناتجة عنها..!
لذا أقر أنا واعترف على المستوى الشخصي بالتقصير، إزاء القدس وفلسطين وشعبها، إزاء شهدائها وأسراها إزاء جرحاها إزاء ايتامها. إزاء استمرار احتلالها ومصادرة حقوق شعبها وطمس هويتها.
فمهما فعلت وقدمت اشعر أنني أنا وأنت مقصران، إزاء هذه القضية المؤلمة والمزمنة، ما لم تتوقف كل أشكال الجرائم والعدوان، وأن يستعيد شعب فلسطين كامل حقوقه في العودة والحرية والمساواة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس..!