عبد الاله بن سعود السعدون
يمر العراق بمرحلة هامة ومفصلية من الوصول إلى الهدف الذي يتطلع له المواطن العراقي للتغيير السياسي في بلاده بعد أن أصابه اليأس من العملية السياسية المعتمدة أساساً على الطائفية وتقسيم الاستحقاقات الانتخابية على قوائم مذهبية ومكونات عرقية في الوطن المسروق من قبل مجموعة طامعة من أحزاب مذهبية عاملها المشترك الوحيد المنفعة الخاصة والمشاركة لتقسيم كعكة المال العام بينهم على أسس المحاصصة الحزبية دون الاهتمام بالمصالح العليا للشعب العراقي وتأكد بالتجربة الطويلة لفترة حكمهم، والذي قارب الثمانية عشر عاماً من عمر العهد الجديد في العراق اهتمام النائب بذاته والكسب غير الشرعي ومن صفاته انتشار الرشوة والفساد المالي والإداري وحرمان الشعب العراقي من الخدمات والحقوق العامة.
الانتخابات المبكرة القادمة في العاشر من تشرين/ أكتوبر القادم تختلف عن مثيلاتها منذ عام 2005م مروراً بالانتخابات السابقة في 2018م والتي وصفت بأنها مزورة ومقاطعة من معظم فئات الشعب الصامته وقد بلغت نسبة المشاركة بها 19 % حسب بيانات مفوضية الأمم المتحدة في العراق.
وتأتي انتخابات تشرين المبكره حتى تعطي أبناء الشعب العراقي الفرصة لتوجيه أصواتهم الانتخابية نحو الكتل الوطنية العابرة للطائفية والحزبية الضيقة وفرز شخصيات وطنية هدفها من العمل السياسي خدمة الوطن والمواطن وتأسيس دولة مؤسسات تعتمد المواطنة المظلة الفعلية لكل مؤسساتها والعمل بجد وإخلاص من أجل وضع خطط الأعمار والتشغيل وتهيئة فرص العمل للعديد من الشباب المؤهل والعاطل عن العمل من أبناء الوطن والاهتمام بالزراعة والصناعة وتنشيط الاقتصاد الوطني.
والعمل بأمل من أجل المحافظة على وحدة التراب والوطن الموحد، بعد أن عصفت به ويلات الحروب التي كان مرتكزها الصراع على الكرسي الحكومي بقصد الفساد وبعيداً عن خدمة الوطن والشعب الذي لازال يعاني من ذل الهجرة والتهجير والتأخير المقصود لعودة المواطنين المهجرين لمدنهم وبيوتهم وإبقائهم في الخيم تحت قسوة الطبيعة من مطر وبرد وجوع ومرض، كما أهينت كرامة مواطني تلك المناطق ومن الصعوبة تحت ظروف التهجير القاسية أن يهتم المهاجر بالانتخابات ويمنح صوته للذين تسببوا في هجرته وتهجيره.
ويمر العراق اليوم بأخطر مرحلة سياسية منذ احتلال بغداد عام 2003م ولم يستطع القادة السياسيون الوصول لمرحلة أولية للمصالحة الوطنية وفتح صفحة جديدة من الثقة والمحبة بين كل أبناء الرافدين، ومحاولة لغلق كل ملفات الإسقاط السياسي الذي كانت شخصيات عراقية عربية وطنية ضحية لهذه الحملة الطائفية السياسية وشهد الوضع السياسي تشظي العديد من الكتل السياسية المذهبية، وقد ظهر ذلك جلياً بالقوائم الانتخابية المتصارعة في الوسط والجنوب والتي تسعى لاحتلال المركز الأول بعدد النواب فقائمة التيار الصدري والتي عادت بعد إعلانها الانسحاب من الانتخابات جاءت لتعلن أنها ستحصل على تسعين مقعداً نيابياً وستكون الكتلة الأكبر وسترشح من أعضائها لمنصب رئيس الوزراء وتنافسها أيضاً باحتلال الكتلة الأكبر عدداً في المقاعد النيابية قائمة دولة القانون وترشح زعيمها نوري المالكي لرئاسة مجلس الوزراء القادم وهناك العديد من القوائم المتنافسة في بغداد والوسط والجنوب من العراق تحاول الحصول على مراكز متقدمة في المراثون الانتخابي وأبرزها كتلة الفتح وزعيمها هادي العامري والمؤيد من قبل الحشد الشعبي. وسيحتل الفتح هذا المركز المميز في تنافس الكتل الجديدة دخول الحشد الشعبي كقوة سياسية جديدة سيكون لها قوة جذب شديدة لسببين أولهما أصوات منتسبيه في التصويت العسكري الخاص، والتي تؤثر في ترجيح المرشح المدعوم من قياداته والعامل الآخر أن قوة هذه المؤسسة العسكرية المسلحة (داخلياً قد) تؤثر على توجيه الناخب نحو القوائم المؤيدة من قبل رجال الحشد الشعبي ويخشى الناخب العراقي من عدم توفير الأمن الانتخابي بوجود تهديد المليشيات المسلحة الممثلة لقوى اللادولة وتفشي ظاهرة شراء الأصوات من الناخبين المحتاجين وضعاف النفوس فقد وصل سعر البطاقة الانتخابية لحدود 300 دولار علاوة على بوادر التلاعب في النظام الإلكتروني داخل أجهزة الممثلية للانتخابات من قبل موظفيها... وهناك همس سياسي بأن أقرب المرشحين لمنصب رئيس الوزراء الاستاذ مصطفى الكاظمي وذلك لحيازته لدعم متبادل مع الكتلة الصدرية وزعيمها مقتدى الصدر ومما يعزز ذلك الاختيار التوافق الإقليمي والدولي على منحه التجديد لمرحلة ثانية لنجاحه في مسك العصا من الوسط في تناغم متوازن بين نزاع قوى الدولة ولا الدولة المتمثل بالمليشيات الولائية المسلحة، وأيضاً نجاح سياسته الخارجية في فتح أفق العلاقات الإقليمية والدوليةمع العراق وبصورة متوازنة أعادت لدولة العراق محوريته العربية والإسلامية ومعظم أبناء الشعب يتمنون تكملة مسيرته الإصلاحية لفترة ثانية رغبة في أمل الاستقرار والبناء.
أما في المنطقة الغربية من العراق وتشمل الموصل وصلاح الدين والأنبار تمنى الناخب أن قواها السياسية قد توحدت بقائمة واحدة لتحصد كل المقاعد النيابية وتنافس على الموقع الأول إلا أنها طرحت ثلاث قوائم انتخابية متنافسة وبشدة أولها قائمة تقدم وزعيمها رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وعزم ورئيسها خميس الخنجر ووعي بزعامة أسامة النجيفي، وحسب التحليل الإعلامي أن كتلة ستحتل المقدمة في نتائج الانتخابات المبكرة والتي تسعى لتبادل الكراسي الرئاسية بنيل منصب رئيس الجمهورية ومنح رئاسة مجلس النواب للقوى الكردية.
أما الاخوة الأكراد فقد أعلنوا قائمتين انتخابيتين قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني تحت قيادة الزعيم الكردي مسعود البرزاني وقائمة حزب الاتحاد الوطني بزعامة نافال الطالباني نجل مؤسس الحزب رئيس الجمهورية الراحل جلال الطالباني مع قوائم تمثل المستقلين والملاحظ من الانتخابات السابقة إن التنسيق والتوافق بين النواب الأكراد كان سمة مواقفهم السياسية لمصلحة شعبهم الكردي وقد نشر الحزب الديمقراطي ولأول مرة في تاريخه الانتخابي مرشحيه في المناطق العربية من العراق بدءاً في صلاح الدين وكربلاء وهي ظاهرة جديدة تبشر بوحدة العراق الانتخابي.
ومع أن الكتلة الصدرية تبشر أتباعها بأنها ستحصد أكثر من تسعين مقعداً نيابياً وأنها الكتلة الأولى إلا أن هناك توقعات نشرتها مراكز التحليل الانتخابي عبر القنوات الفضائية على ابتعاد الصوت الانتخابي في وسط وجنوب العراق عن التيار المذهبي الإسلامي للأحزاب المتسلطة على الحكم حالياً والتي نبذها مجموع الشعب لتخاذلهم في إدارة كفة الحكم طيلة ثماني عشرة سنة لتوليهم السلطة في بغداد وابتعاد الناخبين عن رموزه لعدم رضاهم عن الأداء الحكومي المتدني أمنياً واقتصادياً وتفشي الفساد الإداري والمالي بين صفوف ممثليه في الأجهزة الحكومية وهدف زعماء هذه الأحزاب المذهبية التصارع حول لعبة الكراسي والاستحواذ على الكرسي الذهبي لرئيس مجلس الوزراء.
كما أن انفتاح العراق حالياً على جواره العربي وبتوازن ظاهر مع جواره الاقليمي عامل ايجابي لمصلحة المرشحين الوطنيين من مؤيدي حركة تشرين ومعهم مجموعة عريضة من المستقلين والذين يهدفون نحو التغيير في العملية السياسية وشعارهم دعوة كافة المواطنين بمزاولة حقهم الانتخابي والتمسك بممارسة التصويت وبقوة لأن صوتك سلاحك للتغيير فلا تتنازل عنه لمن جربتهم طيلة ثمانية عشر عاماً فخذلوك وسرقوا المال العام ونشروا ثقافة الرشوة والفوضى الإدارية في مؤسسات الدولة وتنصلوا عن واجباتهم في خدمة المواطنين وأكثروا من السجون السرية ووسعوا مساحات المقابر لتسع شهداء عهدهم وسنينه العجاف... والواجب الوطني على كل ناخب التحضير لحملة مشاركة واسعة وأن يمنح صوته للمرشح الكفؤ النزيه الشجاع مع الحق والمتمسك بحب الوطن والمواطن وهذه الفرصة الأخيرة النادرة لتحقيق هدف التغيير ومقاطعة الانتخابات تؤدي لبقاء الوضع كما عليه في السابق مع تغيير الوجوه والأسماء ويستمر النهج الفاسد صفة الحكم القادم.