حمّاد بن حامد السالمي
وحتى لا يضحك منا (كورونا)؛ لمَ لا نضحك منه ومعه..؟ وهل أمامنا ونحن نعيش مع هذا الوباء اللعين لسنته الثانية؛ إلا أن نضحك..؟ شئنا أم أبينا؛ ليس أمامنا إلا أن نضحك مع كورونا على طريقة: (شرّ البلية ما يُضحك). إن المصيبة (إذا عمّت خفّت)، لأنّ مقاومتها تكون عامة وشاملة، والنجاح مأمول بإذن الله.
* مثلما الضحك حالة فرحية تعتري الإنسان نتيجة لمواقف سارة؛ إلا أنه يأتي مرات نتيجة لمواقف مؤلمة تصيب المرء، فإذا هو يضحك حتى يبكي من شدة الفرح رغم حزنه وغمّه، وهذا يفسر قولهم: (شر البلية ما يضحك). ظهرت هذه العبارة عند الألمان، وكان يشار إليها بكلمة (Shadenfroh) أي الفرح مع الألم والأذى، بينما يقولون في الإنكليزية: (Roman Holiday). أي عطلةٌ رومانية. وهي بالأساس أخذت من قصيدة شيلدهارلود: (Childe Haold)، للشاعر البريطاني جورج غوردون Georg Gorden، حيث يصف في القصيدة تجربته وألمه ومعاناته، وفرحه رغم ذلك. فيشبّه نفسه بالمصارع الروماني الذي يتألم ويتعذب في القتال، لكنه يبقى فرحاً بمجابهة الموت. كما أن الناس الذين يشاهدون الصراع؛ يُبنى فرحهم وهتافهم ومتعتهم على ألم وموت أحد المصارعَين، حيث كانت لعبة المصارعة الرومانية من ألعاب التسلية لدى الرومان، وقانونها يقضي بألا يتوقف القتال إلّا بموت أحد المصارعَين. بعدها درج استخدام عبارة: (عطلة رومانية)، للتعبير عن حالة الضحك أو الفرح رغم الحزن.
* نعود إلى حالتنا مع كورونا اللعين؛ فمنذ اندلاع هذه الأزمة؛ وانتشار هذا الوباء الخطير في جميع أرجاء العالم؛ والقصص المضحكة والمبكية حول هذا الداء الوبيل؛ لا تكاد تتوقف. فمن هذه المواقف المضحكة المبكية في آن؛ أن شابًا وفتاة يمنيان قررا الزواج عبر (الفيسبوك)، حتى لا تكون هناك دعوات وحضور وأخذ بالأحضان وتبويس..! مما قد يؤدى إلى انتشار المرض القاتل. كما يذكر أن شابًا مصريًا وقف أمام الصراف الآلي التابع لأحد البنوك، وكان أمامه حوالي 30 شخصًا، ففكر بسرعة في طريقة تجعله يقترب بسرعة من الصراف الآلي لسحب المبلغ الذي يريد، فقام بالسعال المتكرر والعطس القوي..! فما كان من الجميع إلا أن هربوا خوفًا من هذا المريض الذي يقف في صفهم، فنجحت حيلته، وأنهى معاملته بسرعة قبل أن ينكشف أمره.
* ومن المواقف (الكورونية) المضحكة؛ أن الصينيين في ولاية (ووهان) التي بدأ منها المرض؛ يتصافحون عن طريق ضرب الأقدام ببعضها، أو ملامسة كوع اليد لكوع شخص آخر. كما أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل؛ تعرضت لموقف حرج، فهي عندما همّت بمصافحة زميلها وزير الداخلية الألماني؛ لم يمد يده لها خوفًا من الكورونا، لكنها تماسكت ومررت هذا الإحراج الذي وقعت فيه بهدوء.
* ومن المواقف المؤلمة والمبكية عن هذا الفيروس القاتل، نذكر ما قاله طبيب هندي عن فيروس كورونا من أن هذا الفيروس؛ له عزة نفس كبيرة جدًا، فهو لن يأتي إلى منزلك إلا إذا خرجت ودعوته..! وتفشت حوادث مؤلمة مع ظهور مرض الكورونا؛ منها أن الطبيب الصيني الذي يعد أول من اكتشف هذا الفيروس القاتل واسمه: (لي أوليانغ)؛ ويبلغ من العمر 34 عامًا؛ قد قتله هذا الفيروس، وهو في هذه السن المبكرة، بعد أن قضى في المستشفى أربعة أيام فقط.
* وصاحب ظهور فيروس كورونا؛ أزمة اتهامات بين الصين والولايات المتحدة، فالمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية؛ اتهم الولايات المتحدة بأنها هي التي نقلت هذا الفيروس إلى مدينة (ووهان) الصينية، وتسبب هذا في انتشاره في العديد من دول العالم بعد ذلك. أما الولايات المتحدة؛ فإنها تتهم الصين بأنها كانت السبب الرئيسي في نقل هذا الفيروس إلى أوروبا والولايات المتحدة، لكن هناك مغردون قالوا: إن هذا الفيروس؛ هو جند من جنود الله، وأنه انتشر في الصين، وقتل الآلاف من سكانها؛ بسبب اضطهاد الصين للمسلمين الذين يعيشون على أراضيها، ومنعها لصلاتهم، ومنعها المسلمين من تلاوة القرآن الكريم.
* لم يكن كافيًا ما لحق بشعوب العالم جراء هذا الوباء اللعين من مرض وموت ومقاطعة وانهيار اقتصادي وعلل نفسية؛ حتى نستسلم للكثير من التحليلات التي منها: أن فيروس كورونا؛ ما هو إلا حرب جرثومية شرسة بين الولايات المتحدة والصين، أدت إلى تضرر الكثير من الدول، وهذه الحرب تريد فيها الولايات المتحدة الأمريكية أن تركّع الصين، حتى تدخل المفاوضات معها وهي ضعيفة مثخنة بالجراح، في حين أن الصين تريد أن ترد الصاع صاعين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حتى تقضي على الهيمنة الأمريكية على العالم بعد خروج الاتحاد السوفيتي السابق من اللعبة، وأن تصبح هي زعيمة العالم المتحكمة في شؤونه.
* نبقى نحن في منطقتنا العربية هذه؛ جزءا لا يتجزأ من هذا العالم الذي يموج بما يضحك ويبكي، نعيش مع كورونا كما يعيش غيرنا، ولكنا نأخذ بالأسباب، ونتحلى بالصبر والاتكال على المولى عز وجل؛ أن يفك الغمة، ويصلح حال الأمة، وحال بقية خلقه.
* قال مرة (عبد الله بن الزبير) وهو يمر في محنة شديدة دون شك:
لا أحسب الشر جارًا لا يفارقني
ولا أحزّ على ما فاتني الودجا
وما لقيت من المكروه منزلة
إلا وثقت بأن ألقى لها فرجا