في كل عام، في موعد لا نخلفه نحن ولا الزمن، يطلُّ علينا اليوم الأول من برج الميزان، مناسبة وطنية، مرصعة بالمجد، مصحوبة بمجموعة من الإنجازات العظيمة، والتحولات الحضارية الكبيرة، والنشاطات المتنوعة العديدة، التي تشهدها وتعيشها وتصنعها بلادنا الحبيبة المملكة العربية السعودية، في ظل الرؤية السعودية 2030.
والحقيقة التي يجب إبرازها وإعلانها في اليوم الوطني، هي أن قيام المملكة العربية السعودية في شبه الجزيرة العربية، حدث إسلامي تاريخي هام، له أسبابه ودواعيه التاريخية والزمانية والمكانية، وله آثاره الواضحة ونتائجه العظيمة في تجديد المسيرة الوطنية في أرض الحرمين الشريفين، على يد الإمام المؤسس الموحّد المجدّد، عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه-.
إن قيام هذا الكيان -المملكة العربية السعودية- هو استجابة لحاجة قصوى، لحماية المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ثم إن ذلك يحقق حلماً للمسلمين في وجود كيان إسلامي متكامل، يقوم دليلاً وشاهداً على قدرة الإسلام على إدارة وقيادة الدولة الإسلامية العصرية الحديثة، التي تتحقق فيها وعليها مبادئ العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، وتضيق فيها الفوارق الاجتماعية الكبيرة، بفضل العدل والإنصاف، ويتحقق من شعبها المجتمع الفاضل، ولا يجادل أحد في أن وطننا المملكة العربية السعودية، ومنذ غياب الدولتين الأموية والعباسية، تعتبر الشكل السياسي الإسلامي، المعبر عن حقيقة الدولة المسلمة، التي تتقيد بكتاب الله وبسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. واليوم الوطني هو أنسب الأوقات، للفت الأنظار، إلى الجهود الرائعة والإنجازات الكبيرة والهمم العالية، التي تمخضت فأنتجت حضارة إنسانية كريمة، ونهضة جميلة مشرقة، تجمع بين أصالة الماضي وإشراقة الحاضر وأمل المستقبل، ترتبط بماضي الأمة المجيد بأوفى الأسباب، نهضة حضارية احتلت بها المملكة العربية السعودية مكانة مرموقة في عالم اليوم، نهضة لحمتها وسداها الإسلام، وهدفها الإنسان السعودي، محور اهتمام الدولة الدائم، والثروة الحقيقية للوطن. فكل الثروات قد تنضب ويبقى الإنسان، وكافة الأموال قد تنفد ويظل الإنسان، وكل الموارد قد تتراجع ويصمد الإنسان؛ لذا وجهت كل الجهود، وسخرت كل الإمكانات لإعداد هذا الإنسان، فكراً وعقيدة واقتداراً، دون النظر لحسابات الجدوى الاقتصادية العاجلة، أو تحليلات الكلفة والمنافع الوقتية، ولكنه النظر إلى المستقبل، فالإنسان -وحسب- هو وسيلة الصراع الحضاري على هذه الأرض، وكانت جهود الدولة كبيرة وعظيمة، وكان الإنسان السعودي جادّاً وجديراً بما أتيح له من فرص.
وفي اليوم الوطني الـ 91 ونحن نعيش النعمة والفضل والخير العميم، يجب علينا الشكر له سبحانه وتعالى، ثم الشكر لمن كان السبب فيما نحن فيه، مؤسس وموحد هذا الكيان الكبير، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-، ثم الشكر والثناء العاطر لمن خلفه على هذا الأمر من أبنائه، من قضى نحبه منهم وانتقل إلى رحمة الله: سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله -رحمهم الله تعالى-، والقائم الحالي بالأمر -أطال الله بقاءه وأدام عزه- خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. وفي اليوم الوطني الـ 91 ، يجب أن نعلنها صريحة واضحة، أن هذا الوطن، المملكة العربية السعودية، عظيم في قيادته، عظيم في سياسته، عظيم في إنسانه وإنسانيته، عظيم في طموحه وسلوكه وتصرفه، بلد ينفذ تعاليم السماء، وهو بحق عظيم في كل أحواله وشؤونه.
وفي اليوم الوطني الـ 91 ، ونحن نتبادل التهاني بهذه المناسبة الكريمة البهيجة، نتوجّه إلى الله سبحانه وتعالى أن يظل دور مكة المكرمة والمدينة المنورة في توجيه المسلمين نحو خالقهم ودينهم كبيراً وفاعلاً، وأن تظلّ قافلة الخير تسير، والخير يزيد، والمواطن ينتج، والوطن يتطور، والرؤية السعودية 2030 بأهدافها تتحقق، ويبقى الفضل دائماً لأهل الفضل، وكل عام والجميع بخير من الله سبحانه وتعالى.
** **
- عبدالله بن شجاع العجالين