مع بداية مسيرتي المهنية في شركة «جنرال إلكتريك» عام 1997، توليت منصب مدير خدمة العملاء في المملكة العربية السعودية، آنذاك، كان إجمالي الناتج المحلي 166 مليار دولار. ومضت المملكة في وضع خطط العمل وإطلاق المبادرات الطموحة وتنفيذها، لتحصد ثمارها عاماً تلو الآخر وتتوج جهودها برفع إجمالي ناتجها المحلي بعد مرور خمسة وعشرين عاماً بمعدل خمسة أضعاف ليصل إلى نحو 838 مليار دولار في العام 2021.
وقد كانت وتيرة نموها اللافتة مصدر إلهام كبير بالنسبة لي، وحفزتني على تحقيق النمو الشخصي أيضاً لأصل اليوم إلى منصب الرئيس لدى «جنرال إلكتريك» في المملكة العربية السعودية والبحرين لقيادة فريق عمل الشركة في كلا البلدين.
وفي نفس العام الذي انضممت فيه إلى الشركة، وصل حجم توليد الطاقة الكهربائية في المملكة العربية السعودية إلى نحو 28 جيجاواط، حيث كثفت جهودها على مر السنين والعقود لتتوجها برفع استطاعة توليد الطاقة إلى 78 جيجاواط في العام 2021، بما أثمر في تلبية احتياجات توسعها الاقتصادي وتطلعات شعبها المتنامي.
ونحن في شركة «جنرال إلكتريك» فخورون بالدور الحيوي الذي لعبناه في هذا المضمار، لاسيما وأن أكثر من نصف هذه الطاقة المولدة جاءت من أصول توليد الطاقة الجديدة التي ركبتها شركتنا.
وبالعودة مجدداً إلى عام انضمامي إلى شركة «جنرال إلكتريك»، بلغ عدد المسافرين في المملكة حينها 11.7 مليون مسافر، ووصل هذا الرقم بمرور الأعوام إلى نحو 40 مليون مسافر في العام 2019.
وفي ضوء هذا النمو الذي حققه قطاع السفر، سجل أسطول الطيران التجاري في المملكة نمواً لافتاً، وباتت تمتلك اليوم أحدث أساطيل الطيران الوطنية حول العالم التي تخدم قطاعي السفر التجاري وسفر الأفراد بدعم من محركات «جنرال إلكتريك».
وبلغ معدل الأطباء في العام 2000 بالنسبة لسكان المملكة 0.7 طبيب لكل 100 ألف نسمة، وارتفع هذا المعدل ليبلغ 2.6 طبيب في العام 2018 بما يؤكد على التقدم الهائل الذي أحرزته المملكة العربية السعودية انطلاقاً من حرصها على إرساء دعائم نظام عالمي المستوى للرعاية الصحية على أرضها.
وخلال هذا الوقت، نجحت «جنرال إلكتريك» بإبرام شراكات وثيقة مع القطاعين العام والخاص ووضعت تجهيزات الرعاية الصحية الحيوية في كل مستشفى، وانتشرت برمجياتها الرقمية لتتولى اليوم دوراً رئيسياً في تحسين المخرجات العلاجية للمرضى.
في ضوء إنجازات تلك القطاعات الثلاثة المذكورة آنفاً والتي تنطوي على أهمية اقتصادية كبيرة، نجحت المملكة العربية السعودية بمضاعفة قدراتها وحجم إمكاناتها ثلاث مرات على الأقل. وما هذه سوى بعض الأمثلة عن النمو الهائل الذي أحرزته المملكة ضمن قطاعات عديدة خلال العقود الأخيرة.
بما أني ابن المملكة، كنت محظوظاً للعمل على أرضها المعطاء في شركة «جنرال إلكتريك» بما منحني فرصة قيمة لقيادة نخبة من أفضل المواهب والتعاون مع مجموعة واسعة من زملاء العمل، حيث أثمر التعاون معهم في تقديم خدمات الشركة لمجموعة واسعة من العملاء والأطراف المعنية، الأمر الذي ساهم بدعم مساعي المملكة لتحقيق تلك الإنجازات الهامة في إطار مسيرتها الاقتصادية الطموحة.
كما أفخر أيضاً بنجاحنا اللافت في تطوير الإمكانات المحلية التي تشمل العمليات عالمية المستوى للتصنيع والصيانة، وتشييد مرافق الإصلاح والتعمير، وتأسيس سلسلة محلية متينة للتوريد، وتنمية الصادرات، علاوة على توظيف وتطوير وتمكين الآلاف من المواهب الوطنية، لاسيما النساء السعوديات.
وتسارع زخم النماء والتطور الاقتصادي منذ إطلاق رؤية السعودية 2030 التي بشرت بمرحلة جديدة زاخرة بالبرامج التنموية الطموحة تسعى للارتقاء باقتصاد المملكة إلى آفاق أكثر رحابة وتحويله إلى نموذج فائق التنوع مع الاستمرار بخلق الفرص التي تدفع عجلة النمو.
ولا ريب بأن الخطط والرؤية البعيدة لحكومة المملكة الرشيدة ماضية في تقديم فرص هائلة للمواطنين السعوديين وللشركات المحلية والعالمية على حد سواء، حيث تغطي هذه الفرص شتى الميادين والمجالات بدءاً من دعم محطات توليد الطاقة والمستشفيات، والتحول الأخضر والمستدام في المدارس وقطاع التعليم عموماً، إلى تحرير الاقتصاد وإقرار حزم الإصلاحات لدعم بيئة الأعمال.
في واقع الأمر، أفتخر كثيراً بما رأيته في وطني من زخم تنموي مرتفع منذ عقود خاصة منذ بداياتي في شركة «جنرال إلكتريك»، ناهيك عن الدور الذي نتمنى أننا ساهمنا به لدعم الجهود الحكومية المستمرة، والتي تبلورت في تحول جذري في غضون ربع قرن من الزمن. وعلى الرغم من هذه النقلة النوعية اللافتة التي حققتها المملكة، إلا أن كل ذلك ليس سوى البداية لما تسعى إليه في المستقبل المنظور.
مع احتفالنا باليوم الوطني الواحد والتسعين للمملكة العربية السعودية، أؤكد على امتناني الكبير لما قدمته لي هذه الأرض الطيبة والمعطاء من فرص قيمة، بما يشمل قيادتي لفريق عمل «جنرال إلكتريك» طيلة سنين، حيث شهدت وتيرة تطورها عاماً تلو الآخر، لتؤكد دون أي مجال للشك على أن التكاتف والتعاضد هو الخيار المطلق للارتقاء ببلدنا واستشراف المستقبل المشرق لشعبها وسكانها.
** **
هشام البهكلي - الرئيس لدى «جنرال إلكتريك» في المملكة العربية السعودية والبحرين