علي الخزيم
استهلالاً؛ تَحْسُن الإشارة للقاعدة القرآنية الشرعيّة التي وردت بالقرآن الكريم خمس مرات؛ كما في الآية 7 من سورة الزُّمُر: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، فلا يَصِح ان يُعَيَّر أحد من أهالي المُتهمين بالفساد بفعل أقاربهم، والدولة - أعزها الله - وهي المؤسسة منذ نشأتها على نهج قويم من الشرع الحكيم لا تعاقب الأهل والأقارب بفعل أبنائهم وذويهم، فكم مُقترف لذنب بَقِي والداه وذووه على أعمالهم وبمساكنهم لم يتعرض لهم أحد بسوء من جانب الجهات الحكومية، فهذه قاعدة عظيمة تؤسس لمبادئ شريفة المقاصد، عالية القدر، ذروتها العدل والإنصاف، فمن كمال عدل المولى سبحانه أن المكلفين إنما يجازون بأعمالهم، فمن يعمل خيراً يَرَه ومن يعمل دون ذلك فحسابه بَيِّن واضح، ولن يَحمل أحد عنه خطيئته أو يُحاسب مكانه ما لم يكن له يد بالجريمة محل التهمة.
وتُشكر لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية (نزاهة) جهودها الواضحة وبخطوات واثقة ثابتة لمحاربة ما يظهر من قائع وحالات للفساد تنخر بجسم المجتمع وتُنهك اقتصاد البلاد، ولا تقود سوى للتأخر عن الأمم المتحضرة الناجحة، والتخلف عن ركب الراكضين بمضمار الازدهار بمجمل حالاته وجوانبه ومساراته، وهي بذلك تُنفِّذ توجيهات سامية عُليا من لدن قيادتنا الرشيدة - أيدها الله - التي أرادت لنا أن نكون بمصاف الدول والمجتمعات النقية الزكية من شوائب العبث بالمقدرات ومستقبل الشعوب، وألا نكون صورة لما يحدث ببلاد حولنا عصفت بها أيدي الخونة من ذيول جهات ودول حاقدة لا تريد لنا سوى الانحطاط والبقاء بوَحْل قاع التخلف المَقيِت، فبارك الله سبحانه جهود ومبادرات القيادة الوطنية المُخْلصة ومن يعمل لتحقيق هذه المساعي الراقية الشريفة، ولتحقيق مبادئ العدل والمساواة بمجتمع يُمَثِّل الإسلام النقي الطاهر جعله الله دائماً بأفضل الأحوال وكما يريد المولى سبحانه لعباده الصالحين القائمين بالقِسْط.
وحالات من جرائم الفساد كانت مُضحكة مُحزنة بالوقت ذاته، فقد بَدَت كوميدية ساخرة لو تَخَيَّلها المرء كذلك! ومَرَدُّ ذلك -اللَّهم لا شماته- لحالات من الحُمق تَعتري بعض هؤلاء فيستسهلون الأمور ويُزيِّن لهم شيطانهم الماكر حسن أعمالهم فيوحِي لهم بأنهم اذكى القوم وأن خُططِهم لن تنكشف وأنهم ليسوا الأوائل بهذا الفساد ولن يكونوا الأخيرين، (فدونكم المصالح اغرفوا قبل فوات الأوان)، وحين يتم القَبض يقذفهم مُغويِهم بِعِبَارته المأثورة: {إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}! والحمق من الصفات الذميمة التي تُرهق وتُعْيِي صاحبها وتتعب من حوله من المتعاملين معه، وحقيقته وضع الشَّيء بغير موضعه مع العلم بقُبْحه، فإن اجتمع الحمق مع مكانة اجتماعية حينها تُسمى (رقَاعَه) ويُنعت صاحبها بالرَّقِيع، وهي من احط الصفات التي تمقتها العرب قديماً وحديثاً، ولو استعرض مُتابع حالات من تُهَم الفساد المُعلنة لوجد بها ما يُضحك حقاً وما يُبرهن على وصف أصحابها بالتهور والحمق وربما الرقاعة أحياناً، ووصَفَت العرب الأحمق بصفات منها: (الخِفَّة والفجور والتَّحاسد والظُّلم والخيانة والغيِّ والفُحْش والخيلاء والعدوان والبغضاء)، ثم قالوا: المرء حيث يَضَع نفسه!