يرجع الفضل في إنشاء المركز الثقافي الإسلامي إلى المملكة العربية السعودية وذلك عندما زار العاهل السعودي الراحل الملك فيصل بن عبدالعزيز روما عام 1974 حيث أقنع الحكومة الإيطالية بفكرة إنشاء المركز، فقامت الحكومة الإيطالية بإهداء قطعة أرض مساحتها 30 ألف متر مربع ليقام عليها المركز، وقامت السعودية بتمويل سبعين في المئة من تكاليف بنائه وإقامته التي بلغت 50 مليون دولار. ورحب رئيس الحكومة الإيطالية آنذاك جوليو أندريوتي بإقامته، وكذلك فعل بابا الفاتيكان (أعلى سُلطة مسيحية في العالم).، وتم افتتاح المركز في عام 1995 بحضور الملك سلمان بن عبدالعزيز (أمير منطقة الرياض آنذاك خادم الحرمين الشريفين الآن) الذي أوضح في كلمته أن الهدف من إنشاء المركز الإسلامي الثقافي في روما هو «الإسهام في تقديم صورة فكرية وعملية لما يمكن أن يقوم به المؤمنون بالله ورسالاته -ويقصد المسلمين- من جهود في إنقاذ سفينة البشرية الجانحة وسد ما نجم بها من ثقوب وثغرات». والمسلمون الحقيقيون كما يرى أمير منطقة الرياض(سلمان بن عبدالعزيز آنذاك) هم الحريصون على إفهام العالم وتعريفه بدينهم وبمبادئه الإنسانية العظيمة، وأكد على أن المركز الإسلامي سيكون «مؤسسة ثقافية إسلامية تعرف الشعب الإيطالي بحقيقة الإسلام ومبادئه السامية التي تدعو الى التعاون والتسامح والحوار الهادف البناء، وجسراً مهماً لإرساء العلاقات الثقافية والحضارية بين العالم الإسلامي والشعب الإيطالي». وبافتتاح المركز الثقافي الاسلامي وجد مسلمو إيطاليا وخصوصاً الجالية الاسلامية في روما مقراً ليمارسوا فيه عباداتهم وانتماءهم إلى دينهم، فهذا المركز إضافة إلى أنه يضم مسجداً (المسجد الكبير) يتسع لحوالي خمسة آلاف مُصلٍ - 3000 داخل المسجد وألفين في ساحته -. ويقدم لمسلمي روما وايطاليا فهماً صحيحاً لتعاليم الاسلام خصوصاً في مجال العبادات بعيداً عن تفسيرات المتشددين وأدعياء الفقه... ومن أجل ذلك حرص المسؤولون على المركز أن تكون الجهة المشرفة على المركز هي رابطة العالم الاسلامي التي هي المرجع الشرعي لتفسير تعاليم الدين الحنيف عند المسلمين. وتقرر أن تكون إدارة المركز مشتركة بين المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية وجمهورية مصر العربية.. وترأس إدارة المركز الإسلامي بروما منذ نشأته سنة 1995 إلى 1998 الشيخ عبد اللطيف الكتاني. وجدير بالذكر أن المركز يقدم العديد من الخدماللمسلمين في روما مثل إعداد أوراق بمواقيت الصلاة وكذلك توزيع المصحف الشريف وترجمات معانيه. بالإضافة إلى العديد من المحاضرات والدروس الدينية اليومية والأسبوعية وخاصة في شهر رمضان المعظم. وتعقد به وثائق الزواج والطلاق وإشهار الإسلام. والإشراف على الأحوال الشخصية للمسلمين، وكذلك يشرف علي بناء مقابر المسلمين. وبه مدرسة لتعليم اللغة العربية للناطقين باللغة الإيطالية. بالإضافة إلى المكتبة الإسلامية المتنوعة التى تحتوى على كتب في الفقه والحديث والتفسير والتاريخ الإسلامي بعضها باللغة العربية والآخر بالإيطالية وبلغات أوروبية أخرى حيث تتيح الفرصة للمسلمين وغيرهم للتعريف بالإسلام الصحيح. وبالمركز لجنة الزكاة التى تقوم بجمع وتوزيع الزكاة على المحتاجين والفقراء. وبالإضافة إلى مستوصف خيري لتقديم العلاج المجاني للمسلمين. وأيضاً تقدم به دروس علمية للتعريف بالإسلام للراغبين بمعرفته. ويحظي المركز بزيارات علمية وسياحية من الجامعات والمدارس.ويعتبر المركز الإسلامي في روما من أشهر المراكز الإسلامية في أوربا ومعلماً حضارياً يدل على مدى التفاعل الحضاري بين روما الكاثولكية والإسلام وخطوة لحوار إسلامي مسيحي فعال لنبذ العنف والصدام الحضاري،كما يؤكد على الدور الحضاري والتاريخي للمملكة العربية السعودية في خدمة الأقليات المسلمة في أوروبا.
** **
- عميد كلية الآداب بالجامعة الاسلامية بمنيسوتا الامريكية
salehmahrous@gmail.com