ودعت الرياض فجر الثاني من صفر هذا العام 1443هـ أحد أقدم أئمة جوامعها الذي أمضى في الإمامة والخطابة قرابة 45 سنة، الشيخ شبيب بن محمد بن مشنان بن دويان.
ولد الشيخ شبيب سنة 1352هـ بالهياثم (التابعة لمحافظة الخرج) ونشأ نشأة صالحة حيثُ توجه لحفظ القرآن فحفظه على يد الشيخ محمد بن سنان رحمه الله، ثم التحق بحِلق العلم وحضر للشيخ عبداللطيف بن إبراهيم والشيخ محمد بن إبراهيم رحمهما الله ونهل من علومهما، كما تتلمذ على يد الشيخ عبدالله بن قعود في الفقه والشيخ صالح البيحاني في التفسير والحديث وغيرهما، ثم التحق بالمعهد العلمي وتخرج منه وكان يقوم بالإمامة في بعض القصور الملكية في رمضان بالعوائل لكونه كان كفيف البصر كما دَرّس في بعض المدارس الخاصة لبنات الملك سعود مدة سنتين ونصف.
ثم سمت همته والتحق بكلية العلوم الشرعية التابعة لرئاسة الكليات والمعاهد العلمية والتي أصبحت فيما بعد كلية الشريعة إحدى كليات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، تخرج الشيخ شبيب منها في العام الدراسي (1383-1384هـ).
فعين إثر ذلك مدرساً بالمعهد العلمي بالأفلاج وبقي فيه 10 سنوات، ثم انتقل للرياض سنة 1396هـ وعمل في معهد إمام الدعوة إلى أن تقاعد.
كما عُين إماماً لجامع حلة بن دايل (راشد بن دايل) في عتيقة في 28-11-1396هـ وكان قد باشر الإمامة فيه في أول ليلة من رمضان من نفس العام 1396هـ وبقي فيه إماماً وخطيباً الى رمضان 1440هـ كان طوال هذه المدة مثالاً للانضباط بالإمامة والخطابة والالتزام بالامانة والقيام بها خير قيام ملازماً له لا يكاد يفارقه.
وطوال مدة بقائه إماماً لجامع حلة ابن دايل كان مقصداً للمصلين لجمال صوته ونداوته وقراءته بالقراءة الهادئة النجدية غير المتكلفة بصوت خاشع شجي بالقرآن يُعمل في نفوس سامعيه أبلغ الأثر وقد حدثني بذلك عدد ممن كان لقراءة الشيخ وجمال صوته عليهم أثرٌ في حياتهم بعد ذلك.
كما أن الشيخ امتثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» فسعى لهذه الخيرية ونحسبه والله حسيبه ممن نالها بجدارة فكان يجلس للطلاب في مسجده فيأتيه الطلاب فيحفظون القرآن على يديه، وقد حفظ على يديه المئات من أبناء الرياض وغيرهم بعضهم اليوم يتسنم المناصب العالية في الوزارات أو في الجامعات أو السلك القضائي منهم على سبيل المثال لا الحصر: معالي الشيخ يوسف بن سعيد نائب وزير الشؤون الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء وأخيه الدكتور عبدالعزيز بن سعيد رئيس قسم السنة وعلومها بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود وشيخنا العلامة الدكتور عبدالسلام بن برجس آل عبدالكريم الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء رحمه الله، والدكتور خالد الحميضي الأستاذ بجامعة الملك سعود، والدكتور سعد بن عبدالرحمن الجريد الأستاذ بالمعهد العالي للدعوة، هؤلاء بعض من حفظ على يديه القرآن.
كما كان يقصده في مسجده للقراءة في كتب العلم أعداد من طلاب العلم فقد درّس ثلاثة الأصول وكتاب التوحيد مراراً وعمدة الفقه وألفية ابن مالك والروض المربع وغيرها، كما كانت له كلمات يعظ بها جماعة مسجده بين الفينة والأخرى.
وكانت له عادة وهو يسير في طريقه لمسجده من بيته أن يذكّر أهل البيوت ومن في طريقه بالصلاة يرفع بها صوته الصلاة الصلاة كالمذكر لهم. وكانت له أخبار حسان وطرائف ملاح مع طلابه في المعهد أو المسجد وجماعة مسجده يذكرونها فيشكروه لها ويحمدوه عليها ليتها تجمع، وكان الشيخ عبدالعزيز السبعان وفقه الله وهو من الملازمين له في المعهد وزملائه فيه قد جمع شيئاً من ذلك فلعله ينشط لذلك فعنده الشيء الكثير.
رحم الله الشيخ شبيب وغفر له وتجاوز عنه وأسكنه فسيح جناته.
** **
- د. هاني بن سالم الحارثي