رحلت الطيبة الشريفة العابدة الخالة نورة بنت صالح الخريجي (أم خالد)، بعد مسيرة عطاء تحلَّت بالجود والكرم والوفاء والمروءة. كانت أماً حانية للجميع وينابيع ذكريات جميلة وكانت خير النساء وقدوة يُحتذى بها في الطيب والخلق والتواضع، رحمك الله أيتها الوالدة الغالية وأسكنك جنانه. فأقول:
رحلتْ عن الدّنيا بنفسٍ راضيه
والدمعُ من حزنٍ همى بمآقيه
والقلبُ أَنّ وزاد من خفقانِه
فبكى لفقدِ عزيزةٍ هي غاليه
والنفسُ من ألمِ الفراقِ استعبرتْ
حتى بدتْ منها الشجونُ الخافيه
لما سمعتُ بنعيِها إذْ ظُلْمَةٌ
تَطغى فكنت كمنْ يحلُّ بهاويه
فبكى فؤادي أمّ خالدَ حرقةً
فهي التي كانت كأمٍ ثانيه
وهي التي ما إنْ تراها ينجلِي
غمٌّ وترتحِلُ الهمومُ العاديه
وهي التي كانت بحبٍّ غامرٍ
أمّاً لأيتامٍ وكفّاً حانِيه
تلقى البعيدَ ببيتِها فكأنَّهُ
في لحظةٍ يطوي السنينَ الخالِيه
فببيتها تجدُ السكينةَ والرضا
وترى المحبةَ في رِحابٍ ضافيه
لا لم تكنْ كالأمهاتِ وإنَّما
من جيلِ منْ كانَ العطاءُ رواسيه
من جيلِ من عانى الشقاءَ وبسمةٌ
تعلُو المحيَّا في ثيابٍ باليَه
من جيل من صنَع الرجالَ فأثبتُوا
لا الموتَ هابُوا لا الصعابَ العاتيه
يا كم سمعتُ ببذلِها وعطائِها
فالجودُ منها كالعيونِ الجاريه
وببشرِها كانت لنا مثلَ الندى
وبطيبِها للكلِّ كانت وافيه
يا طيبَ مجلسِها وحسنِ حديثِها
بالذكرياتِ عن السنينِ الماضيه
يا حزنَ أمي من فراقِك فالشَّجى
من قلبِها أبكى الصخورَ القاسيه
فلمنْ تبثُّ همومَها يا أختَها
من بعدما غادرتِ دنْياً فانيه
فلطالما رأتِ الوفاءَ مجسدًا
فيما أنارتهُ خطاكِ الساعيه
لا تحزني أمّاه فهي حفيةٌ
ورفيعةٌ عند الإلهِ وغاليَه
يا رب إنا نرتجي لمثابِها
قصرًا منيفًا في الجنانِ الزاهيه
واجمعْ ذويها في الجنانِ وزوجَها
بمقامِها تحت القطوفِ الدّانيه
وأسبغْ على أبنائِها وبناتِها
صبرًا به الدعواتُ تصعدُ ساريه
** **
- شعر: د. سالم بن محمد المالك