كما اعتاد الأستاذ علي الشدي على طرح القضايا التي تهم المجتمع فقد تناول في زاويته الأسبوعية في جريدة الاقتصادية بتاريخ 05-09-2011م تحت عنوان (الصيدليات الكثيرة والأسعار) موضوع ارتفاع أسعار مبيعات الصيدليات، وأشار إلى رسالة تلقاها من وزير الصحة حول كثرة الصيدليات تفيد بأن عددها في المملكة مطابق للمعدلات العالمية، وأوضح الكاتب الشدي في زاويته وجهة نظره حول ارتفاع أسعار مبيعات الصيدليات... وانتهى إلى أن المطلوب هو مراقبة أسعار مبيعات الصيدليات من قبل الجهات المختصة على النحو المفصل في المقالة، وأضاف (لعل الحل الجذري والمطلوب هو تحويل سلاسل الصيدليات إلى شركات مساهمة) للمبررات والأهداف التي ذكرها... وفي اطار استكمال بحث هذا الموضوع المهم أود إضافة الآتي:
1- إن النشاط الأساسي (الفعلي) للصيدليات في المملكة وحسب نظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية والعشبية الصادر عام 1441هـ هو (بيع) المستحضرات الصيدلانية (الدواء علاجاً ووقاية)، وإلى جانب ذلك تمارس الصيدليات نشاطات تجارية غير واردة في نظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية والعشبية، ومن ذلك بيع بعض الأجهزة الطبية ومواد التجميل والنظافة والعناية الشخصية وحليب ومستلزمات الأطفال وغيرها، وكما يتضح فإن هناك قدراً من التلازم بين بيع ما هو نشاط أساسي للصيدليات وبين ما يباع فيها من مواد أخرى، وهذا الجمع بين النشاطين يصب في خدمة المستهلك بحيث يجد حاجته تحت سقف واحد.
2- إن حجم الاستثمار في القطاع الدوائي في المملكة -وبحسب تصريح وزير الصناعة والثروة المعدنية في جريدة عكاظ بتاريخ 12-07-1442هـ - يعد الأكبر في المنطقة، حيث يزيد على 30 % من سوق الشرق الأوسط، وبحسب التصريح نفسه فإن حجم الصناعات الدوائية يقدر بـ30 مليار ريال، كما أن حجم نمو هذا القطاع يقدر بنحو 5 % سنوياً، ومن هنا نرى أن نمو سوق الأدوية في المملكة أدى إلى زيادة عدد الصيدليات إلا أنه في ظل السماح لها ببيع مواد خارج نشاطها الأساسي وعدم وجود رقابة كافية فقد تحول ذلك إلى دافع للتسابق في افتتاح المزيد من الصيدليات، بل وإنشاء سلاسل لها، وللأسف صاحب هذا التوسع النوعي في النشاط والانتشار الجغرافي للصيدليات المزيد من الجشع وزيادة الأسعار وسوء الخدمة، وأصبح هذا الأمر محل طرح مستمر من قبل وسائل الإعلام المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي في الوقت الذي كان يفترض فيه أن يكون نمو سوق الأدوية وتوسع الصيدليات في نشاطها وانتشارها عاملاً مساعداً لجودة المحتوى وتحسين الخدمات وتقليل التكاليف وبالتالي خفض الأسعار. 3- إن هناك الكثير من المختصين المؤهلين للعمل في الصيدليات من السعوديين وهو ما يقتضي فتح الباب أمامهم للعمل في مجال تخصصهم ومحاربة التكتلات ضدهم والتي تسعى بشكل خفي وغير معلن إلى تشتيت قدراتهم وخبراتهم وإفشالهم بأي صورة وإظهارهم بمظهر غير القادرين وهو ملاحظ في هذا القطاع وغيره من قطاعات العمل، كما أن رفع نسبة التوطين في هذا القطاع تؤدي إلى الحد من السلبيات القائمة فيه حالياً.
وفي المجمل فإن سوق الأدوية في المملكة سوق كبيرة وتشهد نمواً مطرداً والصيدليات هي إحدى مكوناتها وتتوفر بها عشرات الآلاف من فرص العمل، وتحتاج إلى إعادة تنظيمها بما يؤدي إلى خفض فاتورة الدواء على الحكومة وعلى المواطن والحد من الممارسات التي تخل بالمنافسة وبما يؤدي إلى توطين اليد العاملة وحمايتها وبما يحقق أيضاً رفع مستوى الجودة وتحسين الخدمات، وقد أشير في جريدة الرياض الصادرة بتاريخ 12-01-1443هـ إلى أن الهيئة العامة للمنافسة قامت بدراسة بالاشتراك مع البنك الدولي وبعض شركات الأدوية تحت عنوان (دراسة تحليل المنافسة في قطاع الأدوية بالمملكة) وأشير أيضاً أن هذه الدراسة رفعت لهيئة الخبراء، ولعل هيئة الخبراء تعمل في دراستها لذلك على مراعاة تنظيم ومعالجة الاختلالات في سوق الأدوية في المملكة، أو أن يقوم المركز الوطني للتنافسية بشراكة مع الجهات ذات العلاقة بتلك الدراسة.
** **
n.h.hanaya@hotmail.com