محمد سليمان العنقري
نجاح أي خطة إستراتيجية تنموية لا يكفي الوصول له بإصدار الأنظمة والتشريعات أو الإنفاق على المبادرات والبرامج التي تندرج تحت هذه الخطة دون أن يكون لأحد أهم ركائز نجاحها -وهو العنصر البشري- الدور الرائد والأساسي في العمل للوصول لمستهدفات الخطة ورؤية 2030 م والتي هي خارطة طريق نحو اقتصاد متنوع ومجتمع حيوي ومستقبل زاهر في وطن طموح تضع القدرات البشرية في طليعة ركائز برامجها، فلا يمكن تشغيل القطاعات الاقتصادية المستحدثة أو التي سيتم التوسع بها وفق أحدث التقنيات والإمكانيات دون تطوير مهارات الفرد وتأهيله لعصر الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي والأساليب الإدارية والتشغيلية الحديثة وفق زرع قيم سامية ترتقي بالفرد في ثقافة العمل والبحث عن التطور المستمر ومواكبة العصر الحديث.
وفي الأسبوع الماضي أطلق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- برنامج تنمية المهارات البشرية، أحد برامج رؤية 2030 م والذي تضمن تفاصيل دقيقة للوصول للأهداف الـ16 للبرنامج عبر 98 مبادرة تشمل كل شرائح وفئات المجتمع وفق ثلاث ركائز رئيسية، هي «تطوير أساس تعليمي متين ومرن للجميع، والإعداد لسوق العمل المستقبلي محلياً وعالمياً وإتاحة فرص التعلم مدى الحياة». ولعل هذه الركائز شملت كافة المستويات العمرية بداية من الأطفال في مرحلة الالتحاق برياض الأطفال، حيث يستهدف البرنامج رفع نسبة الالتحاق بها من 23 بالمائة حالياً إلى 90 بالمائة، وهو ما يعزز من تأسيس المهارات للأطفال حيث يعد عدم التوسع بتعليم هذه الفئة العمرية تأخراً في إعدادهم للرحلة التعليمية خصوصًا أننا في عصر التقنية وكثير من الأطفال باتوا يتعاملون مع الأجهزة الذكية من سن مبكرة جدًا، ولابد من صقل وتنمية هذه المعارف بأسلوب منظم وليس عشوائيًا، كما أنهم سيختزلون مراحل عديدة لتهيئتهم للعلوم التي سيحصلون عليها بالتعليم العام مما يمكن من تطوير المناهج نظراً لأنهم سيبدؤون من سن مبكرة بالتعليم وهو ما يعني أننا قد نرى مناهج المراحل العليا يمكن أن تصبح مقررة لمراحل تعليمية مبكرة وهو ما يعني أن الطلاب سيحصلون على أفضل العلوم والمناهج بالتعليم العام ويكتشفون مواهبهم وما يناسبهم من تخصصات في سن مبكرة قبل الانتقال للتعليم العالي أو المهني، وهو ما يهدف البرنامج لتحقيقه عبر مسارات عديدة مرنة بالتعليم العام.
كما أن المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل وإزالة التحديات والعوائق وتوجيه برامج التعليم لمواكبة متطلبات سوق العمل سيكون له أثر بخفض معدلات البطالة وتنمية الاقتصاد وزيادة تأثير الفرد بالناتج المحلي إنتاجاً واستهلاكاً، إضافة لتحسين الدخل من خلال المهارات الحديثة التي سيحصل عليها ويكتسبها عبر مبادرات البرنامج، يضاف لذلك أن تطوير المهارات شمل أيضًا من يفقدون وظائفهم بحيث يتم تنمية قدراتهم وتأهيلهم بما يحتاجون من تطوير بالمهارات للحصول على فرص عمل أفضل إضافة لشمول فئة رواد الأعمال والباحثين عن إنشاء مشاريعهم الخاصة أو من يملكون مشاريع ويرغبون بتطوير مهاراتهم مما يعزز بنهاية المطاف المعرفة وتطوير القدرات بشرائح المجتمع كافة، فالرؤية أطلقت العديد من البرامج لتنمية قطاعات اقتصادية عديدة تعمل وفق أحدث الأساليب الإدارية والتقنيات الحديثة، وتركز المملكة على الذكاء الاصطناعي والأتمتة وما تحتاجه من خبرات ومهارات وطنية، ولذلك فإن البرنامج أطلق لإعداد جيل واسع للتعامل مع متطلبات العصر الجديد والذي يتحول للاقتصاد الرقمي الذي ما زال في بداياته عالميًا حيث يشكل حوالي 15 بالمائة من الناتج الإجمالي العالمي.
البرنامج مبني على مبادرات عديدة ونجاحه ليس فقط مرتبطًا بدور الجهات الرسمية التي تشرف على إنجازه بل للمواطن والأسرة دور رئيسي في نجاحه، بالوعي بأهميته ودوره بتطوير قدرات الفرد، وأن الهدف هو إعداد الكوادر البشرية لسوق العمل وحتى بمعايير تحاكي المنافسة الدولية وتنمي فيه قدرات عديدة وتستثمر طاقاته الفكرية والإبداعية، فالتحديات بكل تأكيد قائمة، وذكرت في تفاصيل شرح البرنامج لكن الممكنات لإنجاحه عديدة أهمها العزيمة والإصرار والمشاركة الإيجابية من المجتمع للوصول لأهدافه العام 2030 م.