د.عبدالرحيم محمود جاموس
يعترف المفكر الأمريكي فوكوياما أن الولايات المتحدة قد فشلت في حروبها على العراق وأفغانستان في إيجاد البديل الديمقراطي التعددي لأنظمتها الشمولية التي أطاحت بها في تلك الحروب وذلك في مقال مطول منشور له مؤخرًا..!!
السؤال الذي يجب أن نجيب عليه هو:
هل فعلاً كانت تريد الولايات المتحدة من حروبها على هذه الدول، أن تعيد بناء هذه الدول وأنظمتها على أسس تعددية وديمقراطية فعلاً.. حتى نقول أن أمريكا قد فشلت في حروبها على أفغانستان والعراق في تحقيق أهدافها التي شنت الحرب عليهما من أجلها..؟!
الجواب: لا بالفم المليان. لم يكن هدف هذه الحروب الظالمة، على كل من أفغانستان والعراق، هو إسقاط أنظمتها الشمولية، والعمل على إعادة بنائها على أسس تعددية ديمقراطية مطلقاً..، وإنما كانت غايتها وهدفها هو تدمير هذه الدول ونهب خيراتها والهيمنة عليها من جهة، وجعلها بؤر توتر جديدة تؤثّر على دول الجوار لها وتكون أداة في إشاعة عدم الاستقرار في هذا الجوار الحساس والمهم..
لذا إن اعتراف فوكوياما بفشل الولايات المتحدة في هذه الحروب في تحقيق أهدافها ما هو إلا فقاعة إعلامية، واعتراف سياسي تضليلي بامتياز، يغطي على أهدافها الحقيقة التي قد حققتها بنجاح كبير..!
لقد حققت الولايات المتحدة كل ما تريد من حروبها على أفغانستان والعراق، وزرعت وكرست بذور الشقاق وعدم الاستقرار فيهما، وجعلت منهما بؤر توتر تؤثّر على محيطهما الجغرافي، بما يخدم سياسات وإستراتيجيات الولايات المتحدة الأمريكية على المدى القصير والطويل، ويخدم حليفها الإستراتيجي الكيان الصهيوني، ويعزّز بقاءه وتفوقه في المنطقة العربية والإسلامية، وإظهاره واحة ونموذجًا للديمقراطية وللدولة الناجحة، في منطقة تحكمها نظم شمولية فاسدة ومتوترة ضعيفة وغير مستقرة.. ولا تراعي أي حرمة لحقوق الإنسان ولمبادئ التعددية والديمقراطية في نظمها وسياساتها، بل جعلت منها ومن أراضيها ساحات للتدخلات الخارجية، وللصراعات الإقليمية والدولية تستنفذ فيها طاقات الخصوم للولايات المتحدة وللكيان الصهيوني.
كل ذلك يكشف عن تهاوي وسقوط فكرة ما قدمه المفكر الأمريكي فوكوياما من اعتراف بفشل الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها وغاياتها من وراء هذه الحروب الظالمة التي شنتها على كل من أفغانستان وكذلك ما حصل ويحصل من تدخلات وحروب في باقي دول الربيع العربي من ليبيا إلى سوريا ... إلخ.