د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
يحتفي وطننا الغالي المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع في يوم الخميس القادم الموافق 23 من شهر سبتمبر الجاري/ الأول من الميزان، بالذكرى (91) لليوم الوطني المجيد، واحتفاء بلادنا هذا العام بالذكرى الخالدة يواكب الانتقال المطرد لبلادنا من دولة حديثة إلى دولة مكتملة البناء العصري فقد أحاطتْ بعهدنا الزاهر هيكلة تامة للسياسة والاقتصاد وأنظمة الحياة الاجتماعية؛ كل ذلك في مسيرة بناء تحمل آفاقا جديدة لوطن فريد نباهي به الأوطان.
فتأتي ذكرى يومنا الوطني والفضاءات مفتوحةً على رؤية عملاقة احتضنت ممكنات التحول والتمكين وحمل التاريخ منهجا جديدا في رصد المنجز حين تهوي إليه العقول وتصنعه القوى البشرية الوطنية التي راهن عليها الوطن فكسب رهانه؛ فرسم شعب بلادنا محاكاة باذخة عن وطننا النفيس (المملكة العربية السعودية) وهو يستقبل ذكرى اليوم الوطني تاريخا مجيدا ممتدا عن واحد وتسعين عاما منذ التأسيس الذي اعتلى منصات المجد؛ وحاز أثمانها (وقد كان النفيس به البريقُ) ولمّا أن كان استيعاب الذاكرة للمكان أشد تأثيرا في الأفراد والمجتمعات؛ وهو ما يتبلور في حب الوطن وعشق معانيه ومغانيه فقد حضرتْ في هذه المناسبة الوطنية التي احتضنتها بلادنا صور ٌوأحداث من ماضي وطننا العريق تحمل دلالات السيادة فاكتنزت بها وسائط الإعلام مزهوة؛ فتلك إرث وأحلام بيضاء كانت حين التأسيس تبحث عن جدوى الحياة في تخوم الصحراء التي أصبحتْ فيما بعد حقيقة حضارية مدهشة، وحكايات البطل الاستثنائي الغزيرة بالتجدد للملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الذي انشقت عنه صحراء الجزيرة العربية فحمل جغرافية بلادنا العريقة بين يديه ليكتب رحمه الله تاريخا عظيما من خلال روايات مفرطة في الشجاعة حتى امتدتْ تلك الإشراقات إلى حضور دولة قوية تتجلى في أوقاتها لتصبح بلا منازع صانعة سياسة إقليمية لا مثيل لها؛ فأصبحنا في دولتنا العظمى نعيش اليوم حقبة مهمة في تاريخنا الوطني تُمثل إضافة ذات قيمة عالية لمنجزاتنا الوطنية، وحازتْ بلادنا بفضل الله وقيادتنا العظيمة حازت حراكا سياديا طموحا تحدث عنه العالم وأفاض إعجابا في العهد المستنير بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد مهندس الرؤية العملاقة 2030 وصانع الحضارة السعودية الحديثة سمو الأمير محمد بن سلمان؛ فأخذتْ بلادنا بجواد المرحلة نحو أهداف بعيدة لتغيير الواقع فأصبحت السعودية الجديدة تسابق الزمن وتسبقه بإدارة جديدة وأسلوب مختلف.
فهذه بلادنا الأثيرة التي تحزم عزائم القوة، وتبُاري أوقات الإتمام وتجتازها سباقة، وتبني منصات الثراء الداخلي الذي يتجاوز الشفرات والمفاتيح الخارجية؛ فالوطن قيمة عظيمة في الأمل والعمل وفي الحس والفكر والتأمل وفي العروق ودماؤها وفي العيون ونورها.
وفي كل عام تظلّ معاني اليوم الوطني الباذخة حزما من الانتماء والولاء؛ وكل صياغات التمجيد في المكانة والتمكين يذكر فيها اسمه فوشائج الوطن في بلادنا تضرب بجذور متينة في رِكاز المجد؛ وترتبط بمبدأ قويم يفيض عدلا وفضلا، ومثالية متصلة، ومتعلقة بالقيم النبيلة التي دائما ما تكون جديرة بالاحتفاء والفرح وإعلان الاستحقاق الأول والأخير لهذه الأرض لنحملها فوق الهامات، ونباهي بها الأمم؛ ونتباهى بعزائم الرجال الذين صنعوا هذا الكيان.
وفي يومنا الوطني المجيد (91) سوف نلتقي بصور التأسيس والبناء باصطفاف مذهل ونُشعل فوق ثراها دروبنا نحو مستقبل متين بقوة نفوذ متنامية بإذن الله؛ فمعاني الوطن شحنات وطاقات قوية تتهادى فيها الكلمات فتعلو عن النسق المعتاد، فتشرئب أعناق اللغة مجلجلة بأن وطننا مضمار حياتنا، نتقابل في دروبه، ونتواشج في نواحيه، ونشتم رحيق ودّه، ونلتقي في حياضه الجميلة الممتلئة بالحواشي الصحراوية، والرياض الندية؛ وفي يوم الوطن حينما ارتبط بملاحم التأسيس التي توقد تلك المشاعر تعلوها منابع التنمية الوافرة ومصباتها الغزيرة حيث يتوالى في بلادنا حفز ذلك فاستُصدرت القوانين واستُحدثت التوجيهات لصناعة الاستقرار والرخاء للبلاد فلبست ديارنا حللا تنموية جديدة، فحُشدت لتحقيقها الموارد البشرية والميزانيات الضخمة، كما استحدثت قنوات تنموية جديدة فكانت قفزات شاسعة لصناعة التحول نحو تطوير مطرد في التعليم والصحة والاسكان والتجارة والزراعة والتقنية والنقل والفضاء والصناعات التحويلية وغيرها من مقومات الحضارة، وأصبح ذلك الحراك يجوب بلادنا موئل المقدسات، وحاضرة الحرمين الشريفين تلك المقدسات التي تسمّى حكامنا بخدمتها تشريفا وإجلالا..
وفي الذكرى (91) للتأسيس لا بد أن تكون طقوس الفرح من محطات مشترَكة البوابات لنسير نحو التلازم والتآزر والتراحم في كل فضاءاتنا وأن نسعى إلى تمتين اللحمة الوطنية؛ وألا يكون هناك جدل حول مقاصد المواطنة فذكرى اليوم الوطني وأمنه ثنائية سامية وهما ملحمتنا الحاضرة التي نشدو بها وتمثّل اتحادنا وتآزرنا إلى الأبد!