رمضان جريدي العنزي
للكريم صفات نبيلة وراقية وجميلة، له أريحية ومؤانسة ولطف، وجهه طلق، وكفه ندية، وترحيبه حار، عنده بشاشة مغايرة، وابتسامة صادقة، انه مورد عذب، ومصب كبير، ونهر وبحر، وظل له امتداد، مرآة عاكسة، وأرض نابتة، وغيمة ماطرة، وسحابة هاطلة، عكس اللئيم، أهل غدر ودناءة، أخلاقه سيئة، وسلوكه معوج، وعنده خسة ونذالة، بخيل بجاهه وماله، وحتى بكلامه، منافق ومتزلف، كذوب وصاحب بهت، ولا شيء فيه يثمر، مثل أرض سبخة، عالية الملوحة، لا تنبت نبتاً، ولا تحفظ ماء، ريح حارة وفيها لهب وسموم، وفي هذا يقول سرور الأطرش:
الأجواد يحجون الضعيف بمالهم
كما يزين الظامي جناب قليب
إذا تزبنهم عن اللال والظما
يروح وصملاته تصب صبيب
ترى الناس لولا صار فيهم عنابر
غدوا مثل ضان يرتعون شعيب
ويقول الشاعر محمد المهادي:
الأجواد وأن قاربتهم ماتملهم
والأنذال وأن قاربتها عفت ما بها
والأجواد وأن قالوا حديث وفوا به
والأنذال منطوق الحكايا كذابها
والأجواد مثل العد من ورده أرتوى
والأنذال لا تسقي ولا ينسقي بها
والأجواد تجعل نبلها دون عرضها
والأنذال تجعل نبلها في رقابها
والأجواد مثل البدر في ليلة الدجى
والأنذال غدرا تايه من سرى بها
إن الكريم دائماً عالي الهمة، مثل صقر حر، سامٍ وراقٍ وواثق، واللئيم ساقط الهمة، مثل غراب البين، له وقاحة وقلة حياء، كان زياد ابن أبيه يقول: - لأن ينزل عشرة من العلية، خير من أن يرتفع واحد من السفلة - وقد قيل: (اللئيم كالحية الصماء، لا يوجد فيها إلا اللدغ والسم)، إن الكرم صفة محببة للنفس، ويخلد صاحبه، يجعل مناقب خالدة، وذكره حسن، عكس اللؤوم فإنه معيب ومشين، والوقوع فيه يزيل الشهامة والمروءة والكرامة، واللئيم مثل صاحب البضاعة الرديئة، يحاول تصريف بضاعته بكل وسيلة وطريقة، لكن الحصيف اللبيب هو الذي يميز بين الكريم واللئيم، لأن اللئيم ألاعيبه مكشوفة، وأعماله بائنة، لا يعرف قدر الأخيار، ولا تحركه إلا مصلحته، ولا يصل أحد إلا عن رغبة أو رهبة أو حاجة.