مها محمد الشريف
لا شك أن جميع الأخبار في شهر أيلول/ سبتمبر كانت عن الذكرى العشرين للهجمات الدامية، التي أحيت أمريكا ذكراها السنوية 11-9 وفي ضوء ذلك، نشرت الوثائق بصور مختلفة هذا العام، حيث جاء الإفراج عن بعضها من التحقيقات السرية بعد 20 سنة من تلك الهجمات، واستدعى ذلك قدراً كبيراً من الجدل، فهناك أسباب وجيهة تدفع للاعتقاد بأن عملاً إرهابياً يحوم حول تلك الأحداث، واستخدام أساليب بالغة الغموض والتناقضات، في هذا العام وقعت انسحاب قواتها من أفغانستان فاسحة المجال أمام عودة طالبان للحكم بعد حرب 20 عاماً.
لو أمكننا للحظة واحدة استيعاب من القاضي ومن الجلاد، ومن الضالعين في تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط، قبل أن تسارع وسائل الإعلام ووكالات الأنباء بنقل الصور التذكارية في هذا اليوم التاريخي لأمريكا والعالم وتم تخليد أرواح الضحايا واستذكار الهجمات المروّعة في المواقع الثلاثة التي شهدت الاعتداءات، بعد أن خطف 19 عنصراً من تنظيم القاعدة طائرات ركاب أمريكية كما يقول الإعلام الأمريكي، ما أسفر عن مقتل نحو 3 آلاف شخص، وشارك الرؤساء السابقون أوباما وكلينتون وبوش وترامب والرئيس الحالي جو بايدن في تأبين الضحايا، ثم انتقد ترامب كلمة بوش الابن في ذكرى أحداث سبتمبر قائلاً: «الرجل المسؤول عن مقتل ملايين الناس ليس مؤهلاً ليحاضر علينا عن أي شيء».
في هذا العالم المضطرب يظل العنف هو النبع الجديد للقوة، ولا ينبغي أن تكون خافية على أحد، فأمريكا بعد عقدين على أحداث سبتمبر ماذا صنعت؟ غير تدمير العراق وأفغانستان، وشهد بذلك الطبيب النفسي السابق للجيش الرائد تشارلز بيرني على تقرير لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ «بأن جُلَ وقتنا كان مكرساً لمحاولة تلفيق رابطة بين القاعدة والعراق»، كذريعة للحرب.
وبعد الدمار الذي تسببت به انسحبت وتركت خلفها الكوارث والصراعات؟ فهل يترتب على العالم محاسبتها بعد أن غيَّرت أحداث 11 سبتمبر العالم وما خلفته من تعريفات وتداعيات وأبعاد كبرى، كان الثمن هو تدمير الشعوب وملايين القتلى، أسئلة كثيرة نأمل أن نجد لها بعض الإجابات المقنعة، هنالك الكثير لا يمكن تبريره وغياب الوضوح لسياسة أمريكا لمكافحة الإرهاب يتبع مسارات متعددة، فقد حاربت حركة طالبان 20 عاماً ثم تعيدها للسلطة.
إن اتساع مساحة الأهداف والتحديات التي تتجه نحو الشرق الأوسط وشرق آسيا قد يفقدها السيطرة والهيمنة على العالم كما تريد، فكل شيء آخذ بالتكشف وفقدان المصداقية مراحل متسلسلة قد تفقدها الحلفاء، فعندما تعاقب إيران وتعتبر أذنابها إرهابيين مثل حزب الله وحماس وتتعامل مع الحوثي كطرف سياسي، أمر يدعو للتساؤل؟ فالعالم بات يشك ويتساءل، هل هذه أمريكا التي عرفوها قبل أحداث سبتمبر التي تنادي بالقيم والمبادئ، أم أنها أصبحت دولة أخرى لا تراعي حتى أقرب حلفائها الأوروبيين بالتنسيق والوضوح.