الهادي التليلي
المعركة التي يخسر فيها الجميع هي المعركة التي تقع تحت سقف واحد، إنها معركة الأشقاء الذين يجمعهم التاريخ المشترك وتجمعهم الجغرافيا واللغة والانتماء هي معركة الظفر واللحم أو حك الاظافر للحمة الحية، وهو ما ينطبق على ما حدث ويحدث بين الشقيقتين الجارتين المغرب والجزائر.
فالاستعمار لم يكتف بتقسيم وتشتيت الجغرافيا العربية إلى ما يقارب الفسيفساء بل غنم من خروجه بزرع ألغام الفتنة وسموم التفرقة فالمغرب الذي خرج منهكاً من أكثر من استعمار بلي بحرب الصحراء الغربية أو ما يعبر عنها بجبهة البوليزاريو هذه الجبهة التي يسعى من خلالها بربر الصحراء الغربية لتكوين دويلة خاصة بهم، وذلك بدعم كبير من القوى الخارجية التي توفر ما يلزم وما لا يلزم من العتاد العسكري لكسر شوكة هذا البلد النامي المغرب الذي لم يجد حتى الوقت الكافي للتعافي من المدن التي لازالت تحتلها إسبانيا ونقصد سبتة ومليلة، خاصة البلد الذي كان يتهم الجزائر بدعم جبهة البوليزاريو والجزائر التي ترى أن ذلك بعيد كل البعد عن الحقيقة وأن المستعمر القديم وبعض القوى الإقليمية المستفيدة من المشهد تؤجج نار الفتنة بين الأخ وأخيه بالرغم من كون مسألة الصحراء الغربية والتوظيف الإقليمي لها من أسباب الفتنة بين البلدين.
الجزائر والمغرب كشعوب لم تستطع كل هذه الخلافات السياسية أن تمس ما يجمعهم حيث بقيت الخلافات في حدود معينة وفي كل مرة تأتي ملاعب كرة القدم ومدرجات المهرجانات لتعكس هتافات من الجانبين بالعامية المشتركة «نحنا خيوا» ومعناها نحن كشعوب إخوة ومن حسن الحظ أن ساعتها السوشل ميديا وتوضيفاتها لم تكن بذاك التأثير ولا بذاك التوظيف.
ولكن في الراهن صارت المعطيات الإقليمية أكثر تأثيراً، حيث تفتق الرتق وتعمقت الفجوة ووصلت إلى مجالات تأثير السوشل ميديا. وفي هذا السياق هناك من يرى بأن الخلاف العميق الحالي قد تكون أسبابه ترجع إلى مسألة ما بعد الحرب الليبية والتنافس على إعمارها وهناك من يرى بأن المسألة أعمق من ذلك لكون الاستخبارات الغربية لعبت لعبها لتوسيع الهوة بين الشقيقتين مع ما تجمعهما المصاهرة والنسيج القبلي واللغة والديانة وغيرها وبداية عودة الروح إلى كيان المغرب العربي الكبير الذي كان قد تأسس قبل وقته لذلك ولد ميتا حسب بعضهم فاشتعلت حرب إعلامية وصلت إلى مستوى ومستنقع المغرب والجزائر أرفع منه حيث وصل التباهي والتخاصم على وسائل التواصل الإجتماعي حول من يأكل الموز من الشعبين ومن هو محروم منه.
المغرب بلد نامٍ ويعد درسا تنمويا والجزائر كذلك صارت الآن من القوى العسكرية التي يقرأ لها مليون حساب وما يجمع بينهما أكثر مما يفرقهما فمتى يغمض الغرب عنهما عينه اليمنى ويكف ضربه لإخوة هذين الشعبين الجارين المتوسدين لسلسلة جبال أوراس الذي يسائلهما لم لا ينسجمان مع الجغرافيا الواحدة والتاريخ المشترك.