الحمد لله على قضائه وقدره، قضى وقدر، له ما أخذ وله ما أعطى.. وكل شيء عنده في كتاب.. كم هي اللحظات الحزينة التي تعاودنا في هذه الدنيا.. فنحمد الله على كل حال.. أفراح وأحزان وآمال وآلام، كم راحل بيننا، فهم السابقون ونحن اللاحقون.
في الأعوام الماضية رحل عن دنيانا المعلمان الفاضلان الغاليان العزيزان.. هما المعلم محمد الصالح المحمد المحيميد، والمعلم إبراهيم صالح الصبحاوي، بعد مرض ألمّ بهما، أسأل الله أن لا يحرمهما الخير وأن يكتب لهما الأجر على ما عانا من الآلام، فالحمد لله على كل حال. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .
كم نحزن على فراقهما ولكن هو القدر شئنا أم أبينا.. الكل منا راحل.. ولا يبقى إلا وجه ربنا الأعلى. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتقبلهما ويجعلهما ممن أتى الله بقلب سليم، وأن يتجاوز عنهما ويغفر ذنوبهما.
للحظات تمر علينا في فقد أحبة لنا كم داهمت المنايا من أسرة سعيدة فبدلت أفراحها أحزاناً، فقد ودعنا الأستاذين الوفيين رحمهما الله وأسكنهما الفردوس الأعلى، فكان وقع خبر وافتهما رحمهما الله على أهلهما خاصة.. وأحبائهما وأصدقائهما وطلابهما عامة، مؤلماً وقع كالصاعقة لأنهم فقدوا أبين حنونين على الجميع، منهم لم يعهدوا منهما سوى الابتسامة وحسن الخلق وحسن الصداقة والكلمة الطيبة والتعامل الأخوي، كانا رحمهما الله متسامحين بشوشين، أحبهما الصغير والكبير وكل من عرفهما.
الأستاذ محمد المحيميد مدرس في المدينة المنورة متقاعد له عدة سنوات، ثم أتى إلى منطقة القصيم وبكى عليه أهله.. أحبائه.. بلدته مسقط رأسه.. بلدة النخلات.. رمالها.. حقولها.. نخيلها.. أهاليها.. شيباً.. وشباناً.. ونساءً.. وأطفالاً، بكى عليه جامعها.. وجماعته.. أتى سنة من السنوات من المدينة المنورة إلى بلدته يوم كان شاباً يافعاً، يوم كان الإمام خالي محمد سليمان المحيميد، أتى إليهم في شهر رمضان في نهاية العشر الأواخر، طلب منه خالي رحمه الله أن يصلي بهم صلاة التراويح والقيام.. لأن صوته رحمه الله شجي، فوافق رحمه الله وقال: سأطيل الصلاة، المصلي الذي لا يتحمل الإطالة يجلس لكي أختم بكم القرآن. لأنهم يريدون أن يختم بهم في هذا الشهر الكريم. كان رحمه الله يأتي لوالدته رحمها الله في قريته النخلات.. ثم يقوم بالأذان بعض الأوقات ثم تقول والدته -رحمها الله- لعله صوت ما يطغى على حسن حال وعمل صالح.
والمعلم إبراهيم الصبحاوي -رحمه الله- بكى عليه أهله وأحباؤه.. مسقط رأسه محافظة البصر.. رمالها.. حقولها.. أهاليها.. شيباً وشباناً ونساءً وأطفالاً.. بكى عليه جامع والده.. وجماعته لأنه كان هو الإمام -رحمه الله- والكثير من المصلين يثنون عليه الصلاة في وقتها.. وصوته شجي وأخلاقه عالية.. ومعاملته حسنة مع جميع المصلين.. كان رحمه الله مع عمله كمعلم.. عيناً ساهرة على بلاده عامة ومحافظة البصر خاصة.
لقد كانا -رحمهما الله- بارين بوالديهم، فهنيئاً لهما ولكل بار بواليه.. رحمهما الله رحمة واسعة وأسكنهما الفردوس الأعلى في الجنة مع الشهداء والصديقين والصالحين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
** **
- منيرة بنت صالح المحيميد