قيادة شابة طموحة!! كان هذا هو الشعار والخيار والرهان الذي ارتآه أعضاء الجمعية العمومية بنادي التعاون لقيادة النادي خلال الفترة المقبلة، فجاء ترشيح مجلس الإدارة الجديد لأربع سنوات قادمة على هذا الأساس.
تم ترشيح مجلس إدارة نادي التعاون الشاب الجديد بقيادة الدكتور سعود بن أحمد الرشودي، الذي تخرج في جامعة إنديانا بلومنجتون بالولايات الأمريكية المتحدة.
جاءت تزكية هذه الإدارة في خضم موسم رياضي ملتهب منذ بدايته، قبل بدايته، ولذلك فلا وقت للاحتفاء وتبادل التهاني، حيث انطلق القطار، وعلى الجميع الركوب أثناء تحركه!
فما أبرز سمات أعضاء مجلس الإدارة؟
وما أهم التحديات المستقبلية؟
وماذا تنتظر جماهير النادي من هذه الإدارة؟
لا توجد مشتركات مهنية كثيرة ومؤثرة تجمع فريق العمل، حيث إنهم توليفة جديدة، لأول مرة يعملون مجتمعين في هذا المجال -حسب علمي - ولعل أبرز السمات المشتركة بين أعضاء مجلس الإدارة هي التقارب السني، والرغبة الموحدة في خدمة النادي والوصول به لمحطات النجاح، وهذه من أهم أسباب وعوامل التقارب الفكري، وهو شرط لعمل المنظومة بصورة متوافقة، كما أنهم على الدرجة نفسها من مستوى التحدي والحماس والدافعية للعطاء وتحقيق النجاحات، التي ستتحقق إذا قاوم هذا المجلس عامل نقص الخبرة والتجربة بالإصرار والعزيمة والاستفادة من التجارب.
إن العمل في المجال الرياضي قائم في جملته على مواجهة التحديات، فما هي التحديات التي تواجه العاملين في المجال الرياضي عموماً بما فيهم أعضاء مجلس إدارة التعاون الجديد؟
لا شك أن المرحلة التي تعيشها الرياضة حاليا في المملكة العربية السعودية تمثل مرحلة ازدهار على المستويين التنظيمي والمالي الذي يجب أن ينعكس مستقبلا على النتائج في مختلف المجالات الرياضية، وهذا مؤشر مهم لبناء خطط العمل في المؤسسات الرياضية وفقا لهذا التوجه العام، بحيث يكون العمل مؤطرا بالأنظمة متوافقا مع نصوص ومواد اللوائح التنظيمية، مما يعني أهمية الوعي بالجانب القانوني والنظامي، وهذا العامل الذي يمثل تحديا هو عامل تحفيز بصورة أكبر.
هذا التحول الذي تعيشه الرياضة السعودية تزامن مع تحول شهدته وتشهده مسيرة التعاون حاليا الذي يستشرف مرحلة جديدة حافلة بالنجاحات والتميز، فهل تنجح الإدارة الحالية الشابة في التأسيس لحقبة جديدة تبنى على ما سبق، وتتميز بملامح نجاحات خاصة بهذه الإدارة، يشهدها الواقع ويسجلها التاريخ لهم؟ لا شك أن أنظار التعاونيين جميعا متجهة نحو أعضاء مجلس الإدارة وقائدها لتحقيق هذا الهدف، ولا شك أن الإدارة الجديدة قادرة على تحقيق ذلك عطفا على المعطيات السابقة والقدرات الذاتية لرئيس وأعضاء مجلس الإدارة.
إن من أبرز وسائل النجاح لأي إدارة، وجود أجندة واضحة المعالم تضئ الطريق وتبين موضع القدم، سواء على الجانب الإداري والمالي، أو ما يتعلق برسم سياسة إعلامية وعلاقات عامة ومسار فني... إلخ وفق خطط واضحة للتعامل مع المواقف التي يتعرض لها النادي (نجاحا وإخفاقا وتحديات ... إلخ ) أو التنبؤ بالمعوقات والتحديات المستقبلية للتعامل معها.
(العبقري قليل بنفسه)
لقد ولَّى زمن الرجل الخارق الذي يعد نفسه مركز القرار، ولَّى منذ أن حل الفكر المؤسسي مكان الفكر المركزي (سياسة الرجل الواحد) ولذا فإن القائد الإداري مهما أوتي من المهارات القيادية والقدرات الذهنية يظل عاجزا عن تحقيق التقدم لأي مؤسسة يتولى قيادتها ـ معتمدا على مهاراته الفردية فقط ـ لذا فإن من حسن الطالع لمن يتولى كرسي رئاسة نادي التعاون أن يجد نفسه في مؤسسة رياضية تكرَّس فيها وتأسس مفهوم العمل الجماعي المبني على مبدأ مؤسسي، محاطا بمن يسنده من رجالات النادي الذين أنضجتهم التجارب.
ما الفارق الذي يمكن لإدارة شابة جديدة أن تحدثه؟!
لا شك أن هذا التساؤل هو ما يتبادله الطرفان (الإدارة ومحبو النادي) لسان حال ومقال!! ولا شك أيضا أنه تساؤل جدير من الطرفين.
من المؤكد أن المشجع التعاوني اليوم ليس هو مشجع الأمس، من حيث الكم والنوع والطموح، إذ حدث تحول لدى المشجع يتوازى أو يسبق ما حققه النادي من تقدم، وذلك منذ أن بدأ الفريق يكوّن حضوراً جيداً على المستوى الآسيوي والمحلي، فقد أصبح لنادي التعاون متابعون ومشجعون من خارج المنطقة، بل وفي دول الخليج العربي، ومع هذا التحول ارتفع سقف طموح المشجع التعاوني، وصار يتابع ويراقب تفاصيل لم تكن ضمن أولياته سابقاً، كما اختلفت لديه خريطة المقارنة مع أندية الدوري، حيث يعيش التعاون خلال السنوات الأخيرة مرحلة انتقال من أندية الوسط باتجاه الأمام، هذا هو ما يشعر به التعاونيون، مما أدى إلى ازدياد تمسك المشجع التعاوني بفريقه (مستغنيا به عن غيره من الأندية، حيث تلاشت ازدواجية الميول لدى المشجع التعاوني مكتفيا بفريقه الذي نجح في رسم شخصية مستقلة له) وهذه السمة التي اكتسبها المشجع التعاوني لا تتوافر إلا لجماهير أندية قليلة جدا لا تتجاوز بعض أصابع اليد الواحدة في الدوري السعودي!!
لعل في هذه الصورة شيئا من الإجابة عن التساؤل، وهو ما يجب على الإدارة الجديدة استحضاره جيدا والبناء عليه للتعامل المناسب مع الضغوط التي تمثل جزءا من طبيعة العمل في المجال الرياضي في بعض مراحله، لذا فإن رفع شعار (سنة أولى إدارة) خلال السنة الأولى للإدارة سيخفف عنها كثيرا من الضغوط، ويعفيها من التزامات لم تتعهد بها ولكنها مضمرة في ذهن المشجع الرياضي عموما وفي ذاكرته الانتقائية بطبيعتها، كما أن رسم خطة إعلامية للتعامل (المتوازن) مع الجماهير التعاونية بمختلف درجاتهم الفكرية يمثل أولية رئيسة للإدارة.
في الوقت نفسه فإن على المشجع التعاوني أن يتحمل مسؤوليته كاملة من حيث التعاطي الواقعي مع المستجدات في ظل الانفتاح الإعلامي الحالي، لتعمل الإدارة في ظل أجواء سليمة مناسبة.
لذا فإن الحكم على أداء إدارة ما ـ نجاحا أو إخفاقا ـ من قبل الجماهير بناء على تحقيق بطولة معينة أو استقطاب لاعب أو مدرب، هو أمر غير منطقي، وينبئ عن فهم غير ناضج لمجريات المنافسات الرياضية وقواعدها، وهو ما ينبغي مراعاته جيدا من قبل التعاونيين جميعا.
وفي الوقت ذاته فإن مواصلة بناء فريق قوي امتدادا لما تم بناؤه، ومواصلة تقدم الفريق (إداريا، فنيا، ولاعبين... إلخ ) للوصول إلى طموحات الجماهير التعاونية يمثل هدفا ينتظره ويتوقعه جمهور التعاون وشرفيو التعاون من إدارتهم الجديدة التي وضعوا فيها كامل ثقتهم وآمالهم.
وبين الطموح والإمكانات سيبقى المشجع التعاوني على قارعة الأمل بانتظار مستقبل أفضل!!
** **
- سالم بن محمد العُمري