«النسيان لا يأتي إليك، أنت يجب من تذهب إليه»
مقولة المهاتما غاندي لطالما أثارت لدي الفضول نحو مفهوم النسيان.. كيف باستطاعة الإنسان أن ينسى الخوف، الألم، الفقد..
وكيف ينسى الشخص الذي أحبه يوماً ما.. كيف يحاول جاهدًا بعد فترة من الزمن تذكر تفاصيل وجهه ونبرات صوته.. لون عينيه ورائحة عطره محاولًا تجميع أجزاء من لوحة قد تفتت وتبعثرت في ذاكرته..
إن النسيان هو الأصل في انسانيتنا وينطلق منه خلاصنا ولا تستقيم الحياة وما يعترضها من مصاعب إلا مع النسيان..
فمن خلاله يتعلم الإنسان أنه ليس كائنًا إلا في الحاضر، وهذا ما ذكره سعيد ناشيد في كتابه التدواي بالفلسفة «قد أفكر في الماضي كما أريد أو لا أريد قد أفكر في المستقبل كما آمل أو لا آمل لكنني لا أستطيع العيش في الماضي فهو مجرد فكرة يمكن إعادة صوغها كما لا أستطيع العيش في المستقبل فهو بدوره فكرة يمكن إعادة صوغها، أنا لا أعيش إلا في الحاضر بل لا أوجد إلا في الحاضر.
بالنسبة للماضي فأنا إنسان ميت وبالنسبة للمستقبل أنا إنسان لم يولد بعد.
إن النسيان هو بوابة الخلافة البشرية والاستمرارية في هذه الأرض، ولو استطعت يومًا أن تحاول تذكر كل شيء وتذكير نفسك بكل ما يؤلم روحك وجوارحك تأكد بأنك قد وضعت نصل السيف على عنق حياتك.. ولن تستمر في القتال يومًا آخر..
وحين تبحث عن سعادتك فأنت لن تجدها إلا عندما تبحث عن طريق النسيان لكي تصبح سعيداً.
وهذا ما يؤكده نيتشه في هذا السياق «في أصغر السعادات كما في أكبرها، هناك شيء من خلاله نعرف أن السعادة سعادة، والذي ليس هو سوى إمكانية النسيان»
حين تقرر أن تتناسى حدثًا يقض مضجعك للأيام ولليالي لا طائل منه سوى الألم وتحاول جاهدًا الانغماس في الحياة تأكد حينها إنك سلكت طريق النجاه وأقدمت على خطوة شجاعة لإكمال مسيرة حياتك بنفسٍ جديد.
«لولا نعمة النسيان لما بدأنا حياة جديدة في كل يوم» *فولتير*.