الحديث عن التعليم حديث شائق وسائق لكل خير.. هم (موكب النور) يسيرون في كل طريق.. فيضيء!
أحاديث مقاعد الدراسة، ومثاقفة الأدباء، وحوارات المساء، تظل في ذاكرة الصغار وتكبر مع الأيام ثم تجمل مع الدعاء لأصحابها المربين القادة الذين رسموا صورة في غاية الجمال وبنوا قاعدة من الأجيال القادمة المتقدة -إن شاء الله- حماسة في رعاية دينها وحراسة وطنها ومشاركة رقي أمتها في امتداد العالم كله. إذ إنّ أمتنا أمة واحدة.
هؤلاء النجوم من أساتذتي الفضلاء في حقل التربية والتعليم كانت عيونهم في عيوننا، وأياديهم على أيادينا، وأقدامهم تخطو قبل أقدامنا..
رأيناهم في المسرح أدباء، وفي الفصل الدراسي نجباء، وفي الطابور الصباحي نبلاء، وفي نهاية العام أصفياء، وفي الحياة علماء نجباء..
المعلمون والمعلمات القدوات الأفذاذ يحتاجون إلى سند قوي من الأسرة والمجتمع والإعلام في النهوض برسالتهم الشريفة.
والتذكير بالنية الخالصة وتجديدها واستحضارها مع مطلع كل عام دراسي (قرب أم بعد) أمر لا غنى لأحد منه سواء السائرين في ركاب العلم والعلماء أو السابقين إلى سائر الطاعات أو الهاربين من دركات الآثام والتفريط والتقصير.
لأن الفعل كالترك يحتاج إلى نية خالصة جادة، والموفق من وفقه الله.
إن التعليم والتعلّم مشاريع قريبة الأثر، وجميلة التأثير، وبعيدة النظر أيضاً لمن سلم نظره!
كما جاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي جاء في صحيح ابن ماجه: (إنَّ مِمَّا يلحقُ المؤمنَ من عملِهِ وحسناتِه بعدَ موتِه عِلمًا علَّمَه ونشرَه وولدًا صالحًا ترَكَه ومُصحفًا ورَّثَه أو مسجِدًا بناهُ أو بيتًا لابنِ السَّبيلِ بناهُ أو نَهرًا أجراهُ أو صدَقةً أخرجَها من مالِه في صِحَّتِه وحياتِه يَلحَقُهُ من بعدِ موتِهِ).
أعمق الدراسات الإنسانية والأبحاث العلمية تراها هنا واضحة المعالم في هذا الحديث النبوي الشريف القصير فهي تفيد عموم الناس، ولكن للمؤمنين بهذه الرسالة الخالدة فائدة أنبل وأرقى.
توازن لا مثيل له، وترتيب سلم الأولويات لهذه الحياة القصيرة والطويلة والحياة السرمدية التي لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى.
كما لفت هذا الحديث النبوي الشريف عقولنا إلى كثير من الأعمال اليومية المعتادة كيف نحولها بعد معونة الله إلى مشاريع وبرامج مستدامة للأفراد والأوطان والأمة والأجيال عبر التخطيط والتنفيذ والمتابعة.
حين لفتُ أنظاركم لعدد من الأساتذة المميزين وإنْ كان طال انتظاركم -سلمكم الله- في معرفتهم والتعريف بجميل عطائهم وحسن تأثيرهم على ابنهم الصغير الذي انعكس بفضل الله على كتاباتي وشخصيتي وما زلت أتعلم من هؤلاء الأوفياء وغيرهم..
أود الوقوف عند أستاذ وفي من هؤلاء الأوفياء الذين ظلت كلماتهم ومشاعرهم في وجداني أ. صالح بن سويلم السويلم أستاذ التاريخ الإسلامي كلما أقرأ أو أسمع كلمة (أَوج) وهي تأتي بمعنى ذروة أو علوّ وارتفاع أتذكر درس التاريخ وأعيش دون مبالغة أجواء الدرس..
أظن مفردات المنهج وقتها تتناول عصر صدر الإسلام والخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم - المجد الزاهر والماضي الزاخر بعدل الإسلام ومجد المسلمين ورحمته مع خصومه وتعاليه على المستكبرين المستبدين كان يرويها بإحساس رائع وإلقاء مؤثر يجعلنا نتفاعل مع التفاصيل..
يجلس في آخر الفصل كالطالب! يتابع ويرصد حركة (معلم المستقبل!) بيده الكشف يشرح ويسأل ويسجل ويخصم ويتحرك داخل الفصل.
تماماً (مشروع معلم المستقبل!) الذي نراه اليوم تنفذه مدارس حكومية وأهلية ووزارات كما قامت به وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة 1437 - 2016 في تحسين جودة المخرجات، كان أستاذي النبيل يقدمه قبل 30 عاماً - بارك الله - مع رفاق قليل من المعلمين المبدعين في حصةٍ دراسيةٍ وفق إمكانات محدودة، ثم يقوم بالتعليق على أداء الطالب مع عبارات شكر وحرارة تصفيق تقدم لك من زملائك.. ومع هذا أصر على استمرار برنامج (معلم المستقبل) طيلة العام الدراسي مع ضعف الدعم والداعم! لكنه أَصرَّ! أَصر!
المؤثرون يشقون طريقهم إلى القمة وقد كان أستاذي صالح من هؤلاء، وزاد من جمال الفكرة السماح لبس (الشماغ والعقال)..! وما أزال أتذكر يوم جاء موعد تدريسي للطلاب، وليلة أرصد ساعتها، وتتأهب معك الأسرة في مراجعة الدرس المطلوب.
ثم قبل الذهاب إلى فراشك أتفقد (شماغي وعقالي وعقلي أيضاً الذي سيطير من الفرح!) الله.. الله يا أستاذي الفاضل!
أقول هذا لأول مرة!
أ. صالح.. فكرة التدريس تجول في خاطري من تلك الأيام المحفزة وصارت أقرب الأحلام وأجمل الأماني..
ثم تحقق حلم الطالب فهد -بفضل الله وحده- بعد أعوام وحلم آخرين من رفاقي الذين أعرفهم ثم بسبب طريقة التعليم المميزة من أمثال هؤلاء النبلاء مع الإمكانات الخفيفة، ولكن رافقها طموح الرجال وإبداع الأبطال..
مع أن تدريس اللغة الإنجليزية ما زال في قلبي! (لا نقتل المتعة!)
هذه خواطر، ومجموعة مشاعر، كان لهؤلاء النبلاء وغيرهم كما ذكرت في مقال سابق (وحي المشي!) أثر جميل على قلمي الذي مرة بعد مرة يتحسّن ويتعثّر ثم ينهض ويضعف ثم يقوى.. بفضل الله ثم بدعم أخي الرائع أ. أحمد بن حماد الشمري - أبو لانا أستاذ اللغة العربية سابقاً مشرف الإعلام الاجتماعي في الهيئة الملكية - الجبيل. الذي ساعدني كثيراً ولم يزل في تقويم قلمي من الأخطاء النحوية مع تدريسي لها!
كنتُ أقول له مازحاً..
خذ التعبير من قلمي، وآخذ القواعد من قلمك.
مرات كثيرة تأتي مقالاتي وهو على جناح سفر، أو في وقت راحته مع أهله أو غير ذلك من الأوقات التي يزداد فيها قلمي نشاطاً ويقابلني بكل سرور ويمضي عليها قلمه ولمساته المبدعة.. وهو الآن يقف عل عمل مدونة تجمع المقالات والخواطر مع تقديمي على نفسه في منصات كتابية، ومواقف أخرى لا حصر لها.
(أحمدُ لك هذا الصنيع!)
** 1 (مشهد)
«أوّه..
سيارة الأب الرحيم وقد بدتْ خاشعة في هيئتها!
انسل خيط رقيق، يضيء على أولئك الصبية المتحلقين، إلا أن صوت الدوارق المتناثرة التي تعبث بها الريح ما زالت مصدر قلق الأب الوقور»..
** 2 (يوم مشهود 1)
« من الواضح جداً أن اللحظات الأولى نحو بوابة (التربية والتعليم) هي لحظة مفصلية في هذا الشأن، كما هو شأن الأمور الأخرى.
أما رجل يندفع، أو رجل يمتنع».
** 3 (قانون)
« لا تُحسب بعدد دوران عقارب الساعة، بل بالمتعة التي عشناها سوياً.. لذا قد يخلص لقاء ساعة زمن بعد مضي خمس أو عشر دقائق.. وفي حالات غير قليلة ينتهي اللقاء، ولم تبدأ المتعة بعد».!
** 4 (يومٌ مشهود 2)
« في ذلك الصباح أشرقت فيه الشمس عليّ مبتهجة، كما أن أ. سامي السلمي جاءت رسالته تجري وهي مبتهجة كذلك!
ثم هاتفني مباركاً مهنئاً..
أ. سامي.. حبك يجري في قلبي، فلسوف أرسله إلى قلبك يجري!» (كانت عام 1428 وهو طالب ماجستير، والآن بفضل الله ظفر بدرجة الدكتوراه..)
** 5 (لوحة المفاتيح تعمل)
«الزمن الفاصل لأي عمل.. وثبة سريعة ليس فيها تأجيل أو انتظار تحسن الظروف؛ هي لن تتحسن أبداً، لن تصفو مطلقاً.
في داخلنا يوجد معامل عملاقة!
الآن علينا تلمس أين يكمن زر التشغيل الصحيح؟!»
(ممنوعٌ الوقوفُ والانتظارُ قطعيًّا!)
** 6 (مكتبة متنقلة)
« تفقد رفاقك..! قلم ودفتر.
(الآن الجوال)..
إياك أن تبعدهما عن ناظريك، كأن يقبعان في منزلك أو مركبتك.
سجل ما تقع عليه عيناك، أو الذي تحدثه نفسك به.
المهم ألا تؤجل، والأهم أن تسجل على كل حال».
** 7 (رجالُ مواقف)
«بعض المحكات والعقبات التي تواجهنا في الحياة تريد عقلاً هادئاً لا مجرد أخ أو صديق جمعتك به علاقة قديمة».
** 8 (شجاعة)
« وتمضي تلك اللحظات الرائعة (راكلة) تلك الذكريات الحزينة غير مكترثة بالنتائج»!
**9 (اختباء)
« الكتاب الممتاز ليس الذي (دائماً) على رف المكتبات، بل الذي يقبع (أحياناً) ويقمع خلفها».!
**10 (قطرة!)
« هناك من تدفع دمك حتى تحظى بالقرب منه، ومنهم من لا يستحق أن تأخذ من قطرة»!
** 11 (ذهب)
« الكأس التي قُدمت إليّ منكم في ليالٍ خلت، مازلت أرتشف منها كل صباح ومساء، ومع هذه المدة الزمنية الطولية ما زالت تحتفظ بعذوبتها!
ثم اكتشفت السر.. يكمن في تلك الدمعات التي تحدرتْ من عينيك»!
(كلمة وفاء للمعلم النبيل د. علي بن أحمد القحطاني - أبو عمر)
** 12 (ملك الأرقام)
« رغم ضآلة حجمه، لم يزل رقماً صعباً ويوقعنا في الحرج مرات كثيرة.
أهميته تتجلى عندما نضعه يسار رقم (1000000) وموقعه الصحيح جهة اليمين! ما رأيكم.. نغير مواقع تلك الأصفار القابعة في ذواتنا»؟!
** 13 (متجر)
«الكراهية..
لص محترف حاول اقتحام (متجر)؛ فخرج يزحف بقدمين داميتين.
الحب..
ذلكم الشرطي الذي ترصد للص حفاظاً ورعاية على مشاعر صاحب المتجر».!
** 14 (أسئلة)
«متى نصل لمكانة المسجد الذي يفتح أبوابه للجميع على مستوى تدينهم ومدى قربهم أو بعدهم عن الخالق -جلَّ وعزَّ-. شيء يذهل العقل فعلاً؛ نصطف في انتظام جميل، وقرب شديد، وحركة متناسقة، ثم نختلف ونتصارع خارجه»!
** 15 (غياب)
«كرسيك - الموقر - مكتبك - المعطر - كلاهما يناجيان بعضهما، أين صاحبنا؟!
لقد تأخر»!
(إهداء إلى جميل الروح أ. عبدالله بن عبدالرحمن الشعيبي بعد وعكة صحية ألمت به).
** 16 (الملك عبدالله)
« شاهدتُ الليلة الملك عبدالله! في الرياض.. وبدا كأنه في (الأربعين) من العمر.. سلمتَ يا ملك الأخلاق»..
(إهداء للزميل العزيز أ. عبدالله الغامدي، حين رأيته يسير في الشارع الأربعيني (التجاري، إبان حياة الملك الراحل - غفر الله له -).
** 17 (مجرم مشاعر)
«من الناس إذا حضر جرح مشاعر الآخرين، غير آبه بما اقترفته روحه من خدش تلك الزجاجات الرقيقة ثم يمضي في طريقه كأنّ شيئاً لم يقع!
ثلة رائعون يغيبون قسراً عن أبصارنا، ومع ذلك تبرأ جراحنا حين تلمح أبصارهم أبصارنا ونرى طيفهم الجميل ونسمع عذب حديثهم.
لو أبصرتَ.. كيف تفعل قطعة سكر مقابل جيش من الشاي»؟!
** 18 (منهج وسط)
«كما نوصي الأخ العزيز الغيور بضبط النفس.. نوصي الأخت الفاضلة الماجدة بضبط اللبس.. لا غلو ولا جفاء»..
** 19 (يوم مشهود 3)
- بفضل الله وحده -
« صباح أمس دلفت إلى باب المدرسة مربياً ومعلماً للجيل الفتي القادم.
بعد غياب دام ثمانية أعوام.. تشرَّفت بالوقوف لهؤلاء النجوم!
المعلم.. قناة تشاهد فلنحسن عرضها».
**20 (وُدّ)
«أحياناً من فرط محبتك لثلة من الأصدقاء، تقرأ الورد اليومي عنهم؛ لئلا يصابوا بأذى، وتأمل أن تتنزل عليهم رعاية الله وحفظه وهدايته».