منال الحصيني
استوقفتني رباعيات عمر الخيام حينما كنت أقرؤها على الرغم من تناقضها البديع فأخذتني جزالة ذلك الشاعر الفارسي بدقيق تصويره، من عبرة بليغة إلى عظة غرّا، ومن خيال أخاذ إلى تشبيه ساحر، ومن وصف مُتكلِم إلى تمثيل صريح.
فقد كانت كرحلة قصيرة أخذتني إلى فلسفة عميقة تدور حول تصور الكينونية والوجود، والقدر وعن مصير الإنسان واختباره في هذه الحياة، وكذلك عن العدل وخدمة الناس التي يعتبرها الخيام أساس الدين.
تمعنت سطور تلك اللوحة الشعرية البديعة ما إن بدت لي تلك التناقضات كحقيقة تصور حياة الإنسان وتقلباته مع الأيام.
تشعرنا بالحزن تارة وبالاحباط والغضب تارة أخرى، تترك أفكارك حائرة بيد المجهول.
تحاكي حياة البشر دون تمييز بين طبقاتهم بلغةٍ سلسة سهلة البيان بلا تكلف أو تعقيد أجزم أن للترجمة عامل كبير في ايضاح المضمون إذا ما كانت تزدان بصور جمالية ومفردات بليغة المعنى تحترم النص الأصلي دون الخروج عنه، فالإتقان في الترجمة ككتابة أبيات جديدة فيها من الفلسفة ما يبعث العجب.
هكذا صاغها الشاعر «أحمد رامي» بقدرة ابداعية مكنته تلك الموهبة الشعرية من ترجمتها بهذه القوة والعمق في المعاني.
فأنى لنا بمثله ينقلنا بحديث قلبه بين منثور ومنظوم فتسمعه حتى تظن أنك قد جلست بجانبه وكأنه يحدثك ليصور لك ما تجهله من مشاهد الكون وخفايا القلوب ويشبع رغبتك في الافصاح عن معان دقيقة تجتاح شعورك وأنت غير قادر عن الافصاح عنها بمعنى دقيق حتى ترى نفسك وكأنك المعني بذلك.