علي الخزيم
عَجْز البيت التالي للفارس المقدام؛ الشاعر المُجِيد أبي فراس الحمداني (سَيَذكُرُني قَومي إِذا جَدَّ جِدُّهُم + وَفي اللَيلَةِ الظَلماءِ يُفتَقَدُ البَدرُ)، من قصيدته الرائعة التي تُعد من جواهر الأدب العربي (أراك عَصِي الدمع شِيمَتك الصَّبر)! قد ذهب مثلاً بين العرب، وقفز للذاكرة حين سمعت بخبر المقذوف الحوثي الآثم على المنطقة الشرقية وتناثر أشلائه على مقربة من حي سكني، فأحيا صداه التفكير مجدداً واستذكار جهود أبطالنا على جبهات القتال واخوانهم بالدفاع الجوي وما يبذلونه من تضحيات وإخلاص للدين والمليك والوطن، جهود تتطور، وتتراكم من خلالها الخبرات القتالية والدفاعية عن حياض الوطن ومقدراته، والذود بِهمّة صادقة عن الأرض و(الذِّمَار: الأهل والعِرض)، فلنتخيل أن أجزاءً مُحطَّمة من مقذوف واحد كانت مؤثرة ولافِتَة للانتباه؛ وقد تكون مصدر خوف وقلق لدى الأطفال وبعض الأسر، فكيف لو تعرضت الأحياء السكنية ـ لا قدر الله ـ لمقذوف يُحقق هدفه الذي تريده شراذم (صَعدة وصنعاء وقُم)؟ حِينها سنقول:(وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر)! غير أن بُدُورنا ومشاعل الضياء ومقابس التضحيات والفداء من جنودنا البواسل لا تغيب ولا تُفتَقَد ولله الحمد، وهم دوماً على أُهْبَة الاستعداد لا تَغْمِض لهم عين؛ مُترصِّدين لأعداء بلادنا المُتربِّصين بمقدراتنا المُتَقصِّدين ديننا ومبادئنا.
وفي ليالٍ خَلَت كان الحوثيون المدعومون من الحرس الثوري المجوسي وذيوله مما يُسمى حزب الله يوجّهون مقذوفاتهم ومُسَيَّراتهم (الدرون) للاعيان المدنية السعودية بكل اتجاه وبوتيرة تدل على فداحة ما يواجهونه من هزائم تتحقق على الأرض بميادين المواجهات بينهم وبين الجيش اليمني المدعوم بقوات التحالف؛ ما شتت تركيزهم وبعثر أفكارهم وافقدهم صواب الرأي والبصيرة، فكانت عشوائية التصرف تتحطم على صلابة ومتانة خبرات وكفاءة جنودنا الأقوياء الأوفياء، فلهم منا كل الشكر والتقدير والامتنان، وللقيادة الرشيدة الحكيمة التي تقف وراء كل هذه الجهود والإمكانات والدعم بكل صوره وأشكاله لحماية حدود الوطن والمواطن والمقدسات الإسلامية، وتَكْبُر وتَعْظُم جهودهم وتضحياتهم بأعْيُن إخوانهم شعب المملكة حين نشاهد بعض المقاطع المصورة بعفوية لبعض الجنود على الجبهة تحت أشعة الشمس الحارقة يستظلون بسواتر بسيطة مؤقتة، وفي زمهرير الشتاء تَقِيهم تلك السواتر من زخات المطر والبَرَد، كما نشاهدهم قُبَيل وقت الإفطار أيام رمضان المبارك وقد شَمَّر بعضهم ليُعدَّ وجبة الإفطار والقهوة العربية وهم يتبادلون الأحاديث المعتادة وكأنهم بعيداً عن مواقع المواجهة ومصادر النار، وذاك بما وهبهم الله من إخلاص الإيمان وعزيمة الرجال وصدق الجهاد والوفاء للوطن، فلا غرو أنهم محل الإعجاب والتقدير من الجميع بمملكة (العز والعزم والحزم والإنسانية) قيادة وشعباً، نعم هم أقمار الليالي الحالكة، ومشاعل النور، وسيوف الحق، وليوث الشَّرى (وادي الشَّرَى جنوب المملكة اشتهر بالأسُود الجَسُورة)، سخَّرهم الله سبحانه للذود عن الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة من أوضَار أحفاد أبرهة والأسْوَد العَنسي وإسماعيل الصفوي.
الوعي بأهمية المرحلة يدعونا للتكاتف بوجه المُغرضين وحشد الجهود لرفعة الوطن وحمايته، والشد على يد أبطال العزم والحزم المُخلِصين، وأن نكون يداً واحدة وصفاً مستقيماً نُعِين القيادة الراشدة لتحقيق أسمى الغايات لوطن المجد.